هذه كلمة عن الجيش السوداني والقوى المسلحة الأخرى في البلاد تيسرت كتابتها قبل أعوام وقت تصاعد السؤال عن محل الجيش والقوى الأمنية في أي تحول سياسي مستقبلي. اليوم وقادة ”الإنقاذ“ الوطني يهددون بقلب الموائد على الجميع بكتائب ظل وما إلى ذلك ربما حان الوقت للتبصر في مواقع هذه القوى وخاصة الجيش من الصراع الاجتماعي. تزداد أهمية هذا السؤال في ظروف تصاعد النشاط الثوري للجماهير حيث تتعالى كذلك ”النديهة“ المشؤومة للانقلاب بما في ذلك من فم الرئيس البشير.
تحديات المنشأ الكولونيالي
احتفلت القوات المسلحة السودانية في 14 أغسطس الماضي بعيدها الستين، تاريخ تولى اللواء محمد أحمد القيادة العامة لقوة دفاع السودان والقوات البريطانية المحتلة من قائدها البريطاني اللواء رجنالد سكونز بحسب اتفاقية الحكم الذاتي عام 1954. كان سكونز على قيادة القوات البريطانية المحتلة في السودان تحت الإدارة الاستعمارية منذ العام 1950، والتي غادرت آخرها، البلتون الأول من كتيبة لشستر الملكية، في 16 أغسطس 1955. التاريخ ملتبس لسببين، الأول أن قوة دفاع السودان نشأت في 1925، والثاني أنه كان على قيادتها ابراهيم عبود منذ العام 1949، والذي تحول إلى قائد عام للقوات المسلحة السودانية عند الاستقلال في 1956.
الالتباس الثاني أن قوة دفاع السودان نشأت كوحدة في الجيش البريطاني، ذلك في عقابيل أحداث 1924. بين 1898 و1925 خدم جنود "عرب" و"سودانيون"، التعريف الأول للمجندين من السودان النيلي، والثاني للمجندين من مسارح الاسترقاق السابقة في جنوبي السودان وجبال النوبة أو المنبتين في العبارة الاستعمارية من الرق المحررين أو خلفهم، في كتائب مختلفة من الجيش المصري (1). إلى جانب مدافع المكسيم البريطانية كان للجنود السودانيين في التعريف السابق الدور الحاسم في "إعادة الفتح" عام 1898 وخدموا في وحدات المشاة في الجيش المصري تحت قيادة ضباط مصريين أو بريطانيين.
وجه الالتباس الآخر هو تزامن الرق والجندية في بناء قوة دفاع السودان، فيما يماثل تشكيل قوة الدولة القسرية عبر مراحل طويلة من تاريخ شمال افريقيا والشرق الأوسط. في واقع الأمر، انتقل الجندي-الرقيق من خدمة دولة الاحتلال التركي المصري فيما كان يعرف بالنظام الجديد إلى دولة الإمام المهدية (الجهادية) ثم خليفته (الملازمين) ثم الاحتلال الثنائي (الوحدات السودانية في الجيش المصري، قوة دفاع السودان) بيسر شديد، بل ورث الإبن هذه العلاقة عن أبيه، كالحال بين علي عبد اللطيف وأبيه، ونشأت على أساسها تشكيلات سكانية ريفية، قرى "الرديف" (الجنود-الرقيق المسرحين)، وحضرية، أحياء "الملكية" (2).
كان قرار تشكيل قوة دفاع السودان عام 1925 كوحدة في الجيش البريطاني من الجنود "السودانيين" في الجيش المصري من ضمن الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الاستعمارية لمقابلة تحدي ثورة 1924. يطغى على تاريخ هذه الفترة تصور ثورة 1924 نفحة مبكرة من الوطنية السودانية وعلامة فارقة لنهضة مهمشين في حساب المؤسسة السودانية إلى العمل السياسي (3)، لكن الحلف الذي جمع علي عبد اللطيف وزين العابدين عبد التام ومحمد صالح جبريل وعبد الله خليل وخلف الله خالد من ناحية وعبيد حاج الأمين صالح عبد القادر وسليمان كشة وحسين شريف وابراهيم بدري من ناحية أخرى في جمعية الإتحاد السوداني وفي جمعية اللواء الأبيض كان صيغة مبكرة لعلاقات ملتبسة بين خريجي كلية الخرطوم العسكرية (تأسست 1905) من الضباط وخريجي كلية غردون (تأسست 1902) من صفوة الخدمة المدنية على بساط الطموح السياسي. جمر المرحوم عبد الخالق محجوب هذه العلاقة في تعريفه لانقلاب 25 مايو 1969 ضمن تقدير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني يوم الانقلاب الأول كما يلي:
"إن الحزب الشيوعي يرفض العمل الانقلابي بديلا للنضال الجماهيري الصبور والدؤوب واليومي. بالنضال الجماهيري يمكن حسم قضية قيادة الثورة ووضعها بين قوى الطبقة العاملة والشيوعيين. وهذا هو الأمر الحاسم لمستقبل الثورة الوطنية الديمقراطية في بلادنا. إن التخلي عن هذا الطريق واتخاذنا تكتيك الانقلاب هو إجهاض للثورة ونقل لموقع قيادة الثورة في مستقبلها وفي حاضرها إلى فئات أخرى من البرجوازية والبرجوازية الصغيرة. وهذه الفئات يتخذ جزء منها موقفا معاديا لنمو حركة الثورة كما أن جزءا آخرا منها (البرجوازية الصغيرة) مهتز وليس في استطاعته السير بحركة الثورة الديمقراطية متصلة، بل سيعرضها للآلام ولأضرار واسعة. وهذا الجزء اختبر في ثورة أكتوبر فأسهم في انتكاسة العمل الثوري في بلادنا" (4).
اختبر السودان هذه "الآلام والأضرار" الواسعة في أكثر من صيغة، كما يشهد تاريخنا المعاصر، في كل حين تتجدد فيه فتنة الطريق العسكري القصير في ذهن الصفوة السياسية التي يتعذر عليها بغير سند عسكري النفاذ إلى مواقع السلطة السياسية. تشكلت ضمن هذا التاريخ هوية سياسية لنخبة الضباط جعلت منها حزبا سياسيا قائما بذاته، يوازي الصفوة المدنية للحركة الوطنية التي اجتمعت في مرحلة لاحقة في مؤتمر الخريجين وينافسها ويتقاطع منها بحسب ما تدر المواتاة السياسية. أصفى صور هذا الحزب السياسي غير المذكور حركة الضباط الأحرار التي حررت خمس محاولات انقلابية بين العام 1953، تاريخ إصدار أول بياناتها السياسية، و1971، نجحت إحداهم في 1969 ونصف نجحت زوجها الضرار في 1971.
وجه الالتباس الأخير هو تطابق الوظيفة العسكرية مع الوظيفة الإدارية في هيئة الضابط-الإداري منذ نشأة الدولة الاستعمارية والتي كانت خلال الأعوام الثمانية عشر الأولى من تاريخها دولة عسكرية بامتياز، بعبارة مهندسها هارولد ماكمايكل الذي لما يكسر قلمه "دولة سلطوية على النهج العسكري لخدمة أهداف مدنية" (5)، يقوم عليها ضباط الجيش البريطاني منتدبين من وحداتهم للخدمة المدنية. توحدت عند هؤلاء الضباط من لدن كتشنر وونجت السلطة العسكرية والسياسية وامتلكوا ناصية اتخاذ القرار في مقابل أقرانهم المدنيين. أوكلت الإدارة الاستعمارية سلطات الإدارة في مستوى مأمور ونائب مأمور لضباط الجيش المصري ومن بينهم الضباط السودانيين. تقلد كل من علي عبد اللطيف وزين العابدين عبد التام وظيفة نائب مأمور في مرحلة من مراحل خدمتهم العسكرية. في العام 1924 كان هنالك 138 نائب مأمور في السودان، 102 منهم سودانيين، 76 من المدنيين و 26 من العسكريين. إلى جانب ذلك، تقلد ضباط مصريون مواقع مدنية في قلم المخابرات وإدارات المخازن والغابات والاتصالات والسكك الحديد والإدارة القانونية والطبية سوى المواقع الإدارية في الأقاليم. من بين ضباط 1924 عمل اليوزباشي عبد الله خليل والملازم ثاني علي البنا في إدارة الري والملازم أول محمد سعيد عثمان في إدارة النقل والملازم أول أحمد توفيق في إدارة البيطرة.
نخلص من هذه المقدمة القصيرة إلى عدة عقد هيكلية تتصل بتركيب المؤسسة العسكرية وموقعها في جهاز الدولة وعقيدتها الآيديولوجية تعززت عبر تاريخ الدولة ما بعد الاستعمار وتأخر فضها بالتحرر الوطني:
- نشأة الجيش السوداني كقوة قسرية لجهاز الدولة، يسيطر عليها، في مقابل عموم السكان بغير جذر في النضالات الشعبية من أجل التحرر الوطني.
- التناقض بين صفوة الضباط وقوة الجنود المحاربين من حيث التكوين الاجتماعي والطبقي.
- عقيدة صفوة الضباط في أهليتهم للحكم والإدارة، فالضابط "جوكر" يؤهله التدريب العسكري لكل صناعة.
- فتنة "الانقلاب" كطريق مأمون لتبادل السلطة بين قوى النادي السياسي بغير واسطة شعبية تهدد جهاز الدولة البيروقراطي والمصالح المارة عبره، واستقراره كتكنولوجيا ثابتة لفئات البرجوازية الصغيرة الطامحة في السلطة.
تحديات الدولة الوطنية
ورثت السلطة عن الإدارة الاستعمارية ثلاث فئات طبقية مالكة متلاقحة ومتنافسة في آن: البرجوازية المحلية، البيوتات التجارية والدينية التي أصبحت بالفضل الكولونيالي تحتل موقع القلب من المؤسسة السودانية؛ البرجوازية النيوكولونيالية المرتبطة بالاستعمار والمصالح الأجنبية؛ كبار الملاك ورجال الإدارة الأهلية. لما كانت البرجوازية المحلية بعلة من ضعفها غير قادرة على فرض سيطرتها على جهاز الدولة الموروث عن الاستعمار ساعة الاستقلال توسطت بين هذه الفئات الثلاث طبقة من البيروقراطيين والعسكريين، خريجي مدرسة الخرطوم العسكرية وكلية غردون، هربت بالدولة إذا جاز التعبير وتحققت لها فعالية مستقلة مستمدة من تكنولوجيا ومعارف الحكم بحيث تمرد جهاز الدولة في يدها على أن يكون مجرد هيئة لإدارة مصالح البرجوازية كما في تقدير ماركس (6).
اختار المرحوم جون قرنق لهذه الطبقة في رسالته للدكتوراة وكذلك في مانفستو الجيش/الحركة الشعبي لتحرير السودان عام 1983 عبارة "الصفوة البيروقراطية المتبرجزة" كناية عن أن صعودها الطبقي لم يتحقق بفضل سيطرتها على وسائل الإنتاج وإنما سيطرتها على جهاز الدولة البيروقراطي. بهذا المعني، أصبحت الدولة القوة الطاغية على المجتمع بطبقاته المختلفة لا أداة لسيطرة الطبقة الغالبة وكفى، بل يجوز التقدير أن البنى العلوية في المستعمرات ومنها بلادنا تصخمت بأعظم من البنى القاعدية للمجتمع بما أن قاعدة هذه البنى العلوية في حقيقة الأمر كان المركز الاستعماري الذي انفصلت عنه عند الاستقلال. بذا وجدت البرجوازية المحلية نفسها عند الاستقلال رهن لآلة الدولة العسكرية-البيروقراطية واستطاع من هم على قمة هيكل هذه الآلة مد سيطرتهم على المجتمع بعد ما انفك القيد الذي يربطهم بالمركز الاستعماري. بموجب هذا التكوين الكولونيالي الأصل انفردت الدولة الوطنية بدور اقتصادي متعاظم تلقفت بموجبه آلتها البيروقراطية-العسكرية القسط الأكبر من الفائض الاقتصادي توجهه كما ترى الفئات المسيطرة على الجهاز الحكومي بإسم تحقيق التنمية.
عليه، مثل التنافس على "قبض الدولة" المركزية مباشرة الاستراتيجية الغالبة في الصراع السياسي بغير ضرورة لاختبار الثقة الشعبية. لا غرو إذن أن كان الانقلاب الوسيلة المثلى لتحول السلطة السياسية كمعبر قصير إلى السيطرة على جهاز الحكم. كرس فقه الانقلاب هذا النفوذ السياسي لصفوة الضباط وضاعف من تنافس القوى المدنية على الفوز بحلفاء أو ووكلاء داخل القوات المسلحة. من جهة أخرى، جهد كل نظام حاكم في هندسة التركيب الاجتماعي لفئة ضباط القوات المسلحة، بالتجنيد والرفت، بما يوافق أجندته في حشد الولاء السياسي وتأمين بقاءه من خطر الانقلاب المضاد حتى أصبح تكوينها أركيولوجيا لتعاقب أنظمة الحكم لا مطلوبات بناء جيش وطني.
العمل المسلح والانقلاب: استراتيجيات لقبض الدولة
جنح المرحومان يوسف عبد المجيد وأحمد شامي عن الحزب الشيوعي السوداني في أغسطس 1964، يحثهما القنوط من فاعلية العمل السلمي الجماهيري في مواجهة قوى المؤسسة السودانية، إلى التبشير بالعمل المسلح وسط القوميات المضطهدة هدفهما ثورة ريفية قوامها الفلاحين والرعاة تطيح بتعاقب حكومات الصفوة البيروقراطية-العسكرية في الخرطوم، مثالهما في ذلك الثورة الصينية. مهد اتفاق أديس أبابا 1972 لإمكانية العمل المسلح الفعال ضد الحكومة في الخرطوم بأوسع مما تصور الرفيقان، ذلك باستيعاب قوات الأنانيا في القوات المسلحة بما في ذلك ضمن صفوف الضباط. لعب ضباط الأنانيا دورا مذكورا في تأمين نظام جعفر نميري ضد المنافسة الانقلابية، بالدرجة الأولى ضد العمل المسلح للجبهة الوطنية عام 1976، لكن أتاح لهم التدريب العسكري المتقدم تكوين جيش مواز للقوات المسلحة من باطنها في العام 1983 نهض بمهمة الثورة الريفية في جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق.
اشترط أميركال كابرال، قائد حركة التحرر الوطني في غينيا بيساو وكيب فيرد، لنجاح الثورة الريفية "انتحار" البرجوازية الصغيرة المتعلمة كفئة اجتماعية وتوحدها مع الفلاحين (7)، وذلك تحقيقا لسنة ماو أن يصبح "الثوري مثل السمكة في البحر الشعبي". لذا تميز حزب كابرال، الحزب الافريقي لاستقلال غينيا بيساو وكيب فيرد، بفاعلية عمله السياسي بين الفلاحين، وأخذ عنه في مرحلة لاحقة كل من جيش المقاومة الوطنية بقيادة يوري موسيفيني في يوغندا وجبهة تحرير شعوب التقراي بقيادة ملس زناوي في أثيوبيا والجبهة الشعبية لتحرير أرتريا بقيادة أسياسي أفورقي. على نهج مقارب، اعتمد مانفستو الجيش/الحركة الشعبي لتحرير السودان العمل المسلح كوسيلة أولى للإطاحة بسلطة "الصفوة البيروقراطية المتبرجزة" في الخرطوم والتي ضمنها المرحوم جون قرنق الصفوة الجنوبية التي رضيت الاستيعاب في تركيب السلطة المركزية على أساس اتفاق أديس أبابا 1972.
بما أن الجيش الشعبي لتحرير السودان انسلخ بجنود وضباط كانوا حتى إعلان التمرد ضمن صفوف القوات المسلحة يجوز التقدير أن العمل المسلح كان في جانب منه توسع في استراتيجية قبض الدولة عند انسداد طريق الانقلاب. جابهت القوات المسلحة هذا التحدي بتكوين جيش شعبي مضاد في هيئة مليشيات المرحلين ثم الدفاع الشعبي (8) والمليشيات الجنوبية المعادية للجيش الشعبي، ما أحال الحرب بين الطرفين إلى حرب أهلية متعددة الأطراف لم ينجح أيا منها نجاحا بينا في كسب مساندة السكان خارج خارطة نفوذه الإثني بما يحقق شرط كابرال الآنف ذكره للثورة الريفية الظافرة. عليه، كما أصبح الجيش الشعبي جيشا موازيا للقوات المسلحة أستعاض عن قبض الدولة المركزية بتكوين دولة موازية في جنوب السودان تنافسه عليها اليوم ذات القوى المسلحة التي لم ترض هيمنته خلال الحرب ضد حكومة الخرطوم (9).
على غرار الجيش الشعبي، اعتمدت القوى السياسية الصاعدة في دارفور خطة العمل المسلح لإزاحة الحكم في الخرطوم، واستفادت في ذلك من توسع الطبقة المتعلمة في الاقليم التي لم تجد نصيبا يرضيها في تركيب السلطة وموجات التجنيد المتتالية للدفاع الشعبي. إذا صح التقدير أن الجيش الشعبي خرج من رحم القوات المسلحة فالدفاع الشعبي هو قابلة القوى المسلحة في دارفور. استعدت القوات المسلحة لهذا التحدي بخطتها الثابته تجنيد قوى مضادة من مادة الصراع الاجتماعي في الاقليم. إن نجت القوات المسلحة من عقابيل تصدير حربها ضد الجيش الشعبي إلى المليشيات الجنوبية المناوئة له بانفصال جنوب السودان فهي اليوم تجابه انفجارا مزمنا للصراع المسلح في دارفور فض احتكارها العنف بالكلية نتيجة اعتمادها على تجييش تكوينات اجتماعية متنافسة لكبت التمرد ضد سلطة الخرطوم.
إن تدهور خطة الثورة الريفية على سلطة البيروقراطية-العسكرية في الخرطوم إلى حرب أهلية متعددة الأطراف في مسارحها المتعددة يعود في جانب منه إلى نشأة القوى المسلحة الفاعلة في الريف من أصل مظالم حضرية بالدرجة الأولى تفارق المصالح المباشرة للسكان موضوع التحرير، كانت تلك عجز النظام السياسي عن إدارة التعدد الاجتماعي في تركيب السلطة المركزية أو المظالم الناجمة عن الأزمة الاقتصادية المزمنة منذ أكثر من ثلاثة عقود. فوق ذلك، هيأ ريع البترول أنماطا من التراكم الاقتصادي شديدة التمييز والحصرية عاظمت من الأزمة الحضرية كون البترول سلعة إنتاجها قليل العمالة وريعها خارجي المصدر يسمح بتركيز الثروة في صفوة محدودة ويحرر جهاز الدولة من قوى الإنتاج مما ضاعف التفاوت الطبقى في المدن، ملجأ المنتجين السابقين من انهيار الاقتصاد الريفي. وجدت القوى المسلحة في دارفور (10) وجنوب كردفان (11) والنيل الأزرق (12) نفسها في ساحة قتال طابعها الأساس التشتت الإثني تقابل فيها جيوشا مضادة من الجيران لا القوات الحكومية فقط، الأمر الذي فرض عليها التحول من نمط "المتمرد الساكن" الذي يسيطر على جغرافية سكانية معينة ويتوسع فيها كدولة مضادة تكسب ثقة السكان تحت إمرتها إلى نمط "المتمرد السائح" الذي لا يسيطر على أرض محررة وإنما يعتمد في بقاءه على فعالية الحركة وفرض الأتاوات والنهب من جيرانه الأعداء أو المزاوجة بين النمطين في غربة مزمنة عن القاعدة الريفية (13). بذلك، تحولت استراتيجية القوى المسلحة من "قبض الدولة" عبر ثورة ريفية إلى طرح قدرتها على الحرب في السوق السياسي ضمن فصال حربي/تفاوضي على سعر السلام بغير الواسطة الشعبية (14) التي لم يجد كابرال غنى عنها في قوة السلاح.
القوى المسلحة وليس القوات المسلحة
كان قوام قوة دفاع السودان بنهاية الحرب الثانية التي شهدت المعارك الوحيدة التي خاضتها القوات المسلحة ضد عدو خارجي سبعين ضابطا سودانيا مدربا على قيادة حوالي العشرين ألف من الجنود النظاميين (15)، راق حسن تنظيمهم لمراقبين معاصرين حتى اعتبروا السودان الدولة الافريقية الوحيدة جنوب الصحراء التي خرجت من الاستعمار بمؤسسة عسكرية تحمل ملامح جيش وطني مستقل (16)، لكن سرعان ما انهارت هذه الحاملة الوطنية بتمرد الكتيبة الاستوائية في توريت (17) عجزا منها عن مقابلة مهام البناء الوطني بما تستحق. منذها والقوات المسلحة تحارب أو تصدر الحرب من أجل الحفاظ على تركيب السلطة التي ورثتها والبيروقراطية المدنية عن الإدارة الاستعمارية للسودان.
مع احتفاظ القوات المسلحة بهيمنة جوية لا تضاهيها فيها قوى متمردة على السلطة إلا أنها فقدت منذ مطلع الاستقلال احتكارها للسلاح إما بالمقاومة ضدها أو بنهجها مقابلة الحرب الريفية ضد جهاز الدولة بتجييش جيوش شعبية مضادة حتى صار اعتمادها الحربي الأساس على الحرب بالوكالة أو "المقطوعية" كيفما اتفق. بذلك، ارتدت القوات المسلحة من كونها نواة لجيش وطني تمتد مسؤوليته إلى حماية كل المواطنين ويؤهله موقعه في تركيب الحكم من لعب دور محايد في فض النزاعات بين المجموعات السكانية إلى قوة مهيمنة على جهاز الحكم يتنافس عليه ضباطها وتستأثر بجل ريعه ثم طرف ضمن أطراف أخرى في صراع حربي على "قبض الدولة"، إما كلها أو بعضها أو طرف محلي منها كما تشهد اليوم سيرة النزاعات على شتات السلطة المحلية في ريف دارفور.
خلفت هذه السنن في جبر الصراع السياسي بقوة السلاح جيوشا سودانية إذا جاز التعبير تسيطر على جغرافيات سكانية متفرقة وموارد تخصها تشمل: القوات المسلحة السودانية وتشكيلاتها الثانوية في قوات الدفاع الشعبي وحرس الحدود والقوى العسكرية لجهاز الأمن الوطني والمخابرات؛ القوى المسلحة التي تناوئ السلطة المركزية؛ القوى المسلحة التي تتصل بالسلطة المركزية بعلاقة الزبون لكل تستقل عنها بهياكل قيادة وتمويل وآخرها قوات الدعم السريع لصاحبها محمد حمدان دقلو (حميدتي) ضمن القوى العسكرية لجهاز الأمن؛ القوى المسلحة الريفية التي لا تناوئ السلطة المركزية مباشرة لكن تحارب منافسين محليين على حظوط النفوذ السياسي وحيازة الموارد الطبيعية أو حقوق استغلالها. فازت كل من هذه القوى بنصيب يقل أو يكثر من جند وعتاد القوات المسلحة وإليها تؤول مباشرة بالتمويل والتسليح أو غير مباشرة بالغنيمة ميزانية البلاد الحربية.
نجم عن "ديمقراطية السلاح" هذه تهديد شديد لمركز القوة الذي كان يشغله صفوة ضباط القوات المسلحة ذوي الخلفية المشتركة، حتى كسدت تكنولوجيا الانقلاب أو كادت كوسيلة لتدوير السلطة المركزية تبعا لتعدد مراكز وقيادة القوى النظامية لجهاز الدولة بين القوات المسلحة والاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن الوطني والمخابرات وقواته العسكرية وقوى الشرطة شبه العسكرية. حل التمرد أو التهديد به محل الانقلاب كوسيلة لمنازعة السلطة المركزية، لكن ذلك فرض توازنا من الضعف بين القوى المسلحة المتعاركة على "قبض الدولة" يحتم عليها اليوم أو غدا لجم طموحاتها لصالح مساومة واسعة تقع الترتيبات الأمنية الخاصة بمصير هذه القوات موقع القلب منها. من ثم، فإن الفرصة سانحة للعودة إلى مهمة بناء جيش وطني مستقل يحتكر العنف ضمن هذه المساومة على المستقبل تشمل:
- فض التناقض في التركيب الاجتماعي بين الضباط والجنود برفع القيود الإثنية والاجتماعية على تجنيد الضباط في الكلية العسكرية.
- استيعاب القوى المسلحة والتجنيد بشرط المواطنة والأهلية لا غير.
- الانصياع لقيادة مدنية تحدد ميزانية الجيش وتقوم على صرفها ضمن أولويات حكومة مستقلة عن نفوذه.
- تأميم الصناعة العسكرية وهيئات النشاط التجاري والمالي الأخرى للقوات المسلحة تحت هيكل مدني واستيعاب رؤوس أموالها ومدخراتها ضمن ميزانية الحكومة.
- إجراءات للعدالة الانتقالية تشمل رفع الحصانات القضائية للعسكريين من كل الفئات والتشكيلات يقابلها حجب الحصانة القضائية عن منتسبي الحركات المسلحة المناوئة للحكم القائم.
جهاز الأمن: جيش بلا عسكرية
قدر مدير مستشفى الأمل التابع لجهاز الأمن الوطني والمخابرات عام 2011 عدد أفراد الجهاز وأسرهم بحوالي 77 ألف فرد. بافتراض أن كل فرد في الجهاز يعول خمسة أشخاص يستحقون العلاج يمكن الخلوص إلى أن عدد مستخدمي الجهاز في حدود 15 ألف فرد، أي بمعدل 0.75 رجل أمن لكل سوداني في الفئة العمرية 15 إلى 64 سنة بالمقارنة مع 0.3 طبيب لكل ألف من السكان بحسب تقديرات العام 2010، وفي مقابل حوالي 105 ألف فرد نظامي في القوات المسلحة يضاف إليهم ما يقارب 18 ألف من مجندي الدفاع الشعبي وحرس الحدود. بذلك، فإن عدد الذين يتلقون رواتب من الدولة مقابل حمل السلاح عنها يكاد يماثل عدد المعلمين عام 2009 في ولايات شمال السودان، بحسب إحصاء وزارة التربية والتعليم العام، حوالي 217 ألف معلم (18).
بهذا الحجم لم يعد جهاز الأمن فرع ثانوي من فروع الدولة يؤمر فيطيع وكفى بل صار له قوة مؤسسية ذات اعتبار طالما سعى لها تتضح طاقتها النقابية عند المقارنة بحجم أنجح الشركات المملوكة للدولة - شركة سوداتل (رأسمال قدره 2.5 مليار دولار أميركي) والتي لا يتعدي عدد موظفيها الألفين يخدمون حوالي 7.2 مليون من مستخدمي الهاتف النقال "سوداني" بحسب تقرير الشركة للعام 2012 (19). يتضح البأس النقابي لمنسوبي جهاز الأمن عند اعتبار أن نقابة عمال السكة حديد ضمت حوالي 11 ألف عامل عندما اقتلعت حق التنظيم المستقل من الإدارة الاستعمارية في العام 1948 (20)، يجمعهم مخدم واحد مركزهم عطبرة. بهذا الاعتبار، فإن جهاز الأمن اليوم، سوى أنه قوة باطشة لجهاز الدولة، يمثل أحد أكبر المخدمين في البلاد تربط بين مستخدميه خلاف العقيدة الحرفية المصلحة في تمدد سلطة الجهاز ونفوذه واتساع دائرة نشاطه ومن ثم رفاه منسوبيه. لذا ربما، تفاخر ضابط الجهاز محمد حمدان دقلو، القائد الميداني لقوات الدعم السريع، أن قواته ليست "دفاع شعبي" بغير مرتب بل بعبارته: "نحن ناس لدينا ملفاتنا ورواتبنا ورتبنا ومرتباتنا ثابتة بتجي من وزارة المالية لكن الدفاع الشعبي خلافنا ما عندو مرتب ثابت ونحن قوات رسمية وقانونية".
واقع الأمر أن جهاز الأمن تضخم من مكتب للمخابرات تحت إمرة السكرتير الإداري إبان العهد الاستعماري إلى مؤسسة شبه عسكرية تشكل أحد الأعمدة الرئيسية لجهاز الدولة بل تنافس القوات المسلحة وتحل محلها متى استدعى الأمر كما يشهد اليوم تكوين قوات الدعم السريع، والتي قال عنها قائدها أنها تشكيلة من جنود القوات المسلحة ومجندي جهاز الأمن والعسكريين المعاشيين والمتطوعين بأجر من المليشيات الأهلية في دارفور. بل كاد جهاز الأمن يشكل جيشا موازيا تقع ضمن اختصاصاته مهمة فطام ضباط القوات المسلحة عن عادة الانقلاب كما برز خلال آخر محاولة انقلابية في نوفمبر 2012.
نشأت عن قلم المخابرات التابع للسكرتير الإداري عند استقلال السودان في العام 1956 إدارة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية، ثم قسم الأمن الخارجي تحت إمرة مجلس الوزراء في 1957. أقر نظام الرئيس عبود الجمع بين الإدارتين في العام 1962 فنشأ عنهما الأمن العام تحت سلطة وزارة الداخلية. أنشأ نظام مايو أول سلطته في 1969 جهازا خاصا لأمن الدولة إلى جانب قسم الأمن العام التابع لوزارة الداخلية. في العام 1974 تحول قسم الأمن العام من وزارة الداخلية إلى رئاسة الجمهورية كما أمن الدولة، ثم تم ضمن الإثنين وتشكيل جهاز الأمن القومي في 1978 وفق قانون خاص أصبح للجهاز بموجبه شخصية مؤسسية مستقلة خلاف الاعتماد السابق على انتداب الضباط والجنود من القوات المسلحة والبوليس وكذلك موظفي الخدمة المدنية. أفسدت الانتفاضة في 1985 على جهاز الأمن القومي نموه المطرد حيث أمر المجلس العسكري الانتقالي تحت ضغط الحركة الجماهيرية بحل الجهاز وفض سلطته. أعاد مجلس الوزارء تشكيل أقسام منفصلة للأمن الداخلي الخارجي تحت إدارة البوليس ثم أعيد في العام 1987 تأسيس جهاز خاص للأمن الخارجي بإسم جهاز أمن السودان (21).
ظلت تجربة النحر هذه حية في ذاكرة الجهاز المؤسسية إذا جاز التعبير ترفد مخاوفه من أن تتم التضحية به وبمنسوبيه ضمن أي تسوية سياسية مستقبلية، بل اتفق معارضون أشاوس لنظام المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم مع رفاقهم ضباط الجيش والأمن من أنصاره أن حل جهاز الأمن كان خطأ فادحا من أخطاء المجلس العسكري الانتقالي نسبوا إليه عجز النظام البرلماني عن حماية نفسه من الانقلاب في 1989، وأجازوا حتى اعتبار مطلب حل جهاز الأمن الذي صدحت به قوى الانتفاضة الجماهيرية مطلبا مدسوسا عليها من قبل الجبهة القومية الإسلامية ضمن مؤامرة طويلة المدى لاستلام السلطة. على ذات المنوال، نصح الرئيس البشير ضباط المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذين تولوا السلطة في مصر في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بالإبقاء على جهاز أمن الدولة وإصلاحه لا كنسه شاهده في ذلك ما ألم بالسودان جراء حل جهاز الأمن القومي في عقابيل الانتفاضة عام 1985.
احتفظ نظام الإنقاذ الذي نشأ عن انقلاب 30 يونيو 1989 أول عهده بجهازي الأمن الداخلي والخارجي منفصلين حتى أصدر قانون الأمن الوطني في العام 1990 ليدمج الفرعين تحت مسمى جهاز الأمن العام. تلى ذلك قسمة مجددة في العام 1994 إلى جهازين، المخابرات السودانية ومسؤوليتها الأمن الخارجي وجهاز الأمن الداخلي الذي تحول في العام 2003 إلى جهاز الأمن الوطني. انتهت هذه الاختبارات المؤسسية في العام 2004 بدمج الفرعين مجددا لينشأ عنهما جهاز الأمن والمخابرات الوطني بصورته الحالية تحت قيادة مديره السابق صلاح الدين عبد الله محمد (قوش).
وازت هذه التحولات الهيكلية تعديلات قانونية، قانون الأمن الوطني للعام 1995 المعدل عن قانون 1990. ضمن القانونان للجهاز سلطة التفتيش والقبض والاعتقال لمدة ثلاثة أيام قابلة للتجديد حتى الشهر دون حق للمعتقل في الاتصال بمحامي أو بأسرته حصانة لعناصر الجهاز من المساءلة القانونية في كل ما يختص بعملهم. فوق ذلك ضمن حظر قانون 1995 الاستئناف القضائي ضد أي قرار يتم إتخاذه تحت سلطة قانون الأمن. حل قانون قوات الأمن الوطني للعام 1999 محل قانون 1995 وزاد عليه سلطة مدير الجهاز في مد الاعتقال التحفظي من شهر إلى شهرين ثم ستة أشهر دون إذن قضائي وبشرط إبلاغ المدعي المختص لا غير، وأضاف سلطة لمجلس الأمن الوطني في مد الاعتقال لثلاثة أشهر أخرى (22).
أتاحت الفترة الانتقالية التي قيضت اتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان والجيش/الحركة الشعبي لتحرير السودان في 2005 فرصة لإصلاح القانون الحاكم لجهاز الأمن إن لم يكن كشر شوكته وتحجيم نفوذه لكنها تبعضت في غمرة المواتاة السياسية التي غلبت على العلاقة بين شريكي الاتفاقية، المؤتمر الوطني الحاكم في شمال السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في جنوبه. اتفق الطرفان على الاحتفاظ بسلطات جهاز الأمن والمخابرات الوطني كما هي في قانون الأمن الوطني لعام 2010 والمجاز في ديسمبر 2009 سوى تقليص مدة الاعتقال التحفظي بغير أمر قضائي إلى شهر قابلة للتجديد لثلاثة أشهر أخرى بأمر مجلس الأمن الوطني (23).
تحول جهاز الأمن تحت إمرة صلاح قوش إلى ركن من أركان الدولة لا خادم لها وكفى وتوسعت نشاطاته من جمع المعلومات وتحليلها ثم تقديم ما يلزم من نصائح للسلطات بحسب ما أقر دستور السودان الانتقالي لعام 2005 إلى أن أصبح لاعبا رئيسيا في السوق يضمن بنفوذه قسطا وافرا من عطاءات الدولة وينافس بشركاته واستثماراته بيوتات الأعمال الكبرى، ذلك إلى جانب نفوذه العظيم على قطاع الإعلام من خلال وكالته الإخبارية الخاصة أو تدخله اليومي في تحرير الصحف إما بآلة الرقابة قبل النشر وبعده أو بالحضور المباشر في قاعات التحرير عبر عناصره والمتعاونين معه. غير ذلك، بلغ طموح جهاز الأمن منافسة الجيش على السلاح فجند تحت لواءه تشكيلات مسلحة بشرط الولاء السياسي ظهرت للعلن في محاولة التصدي لهجوم حركة العدل والمساواة على أم درمان في مايو 2008 آخرها قوات الدعم السريع التي رشحتها الدولة لحسم الصراعات المسلحة في دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
سعى الجهاز إلى فض الصورة الثابتة عنه في الرأي العام، سيرة القهر والجبروت، وجهد لهذا الغرض في الترويج لنفسه عبر تمويل ورعاية النشاطات الرياضية والأدبية والترفيهية وسياسة جديدة في التجنيد يعرض وظائفه عبر إعلانات الصحف وينتخب لصفه الراغبين من خريجي الجامعات عبر امتحانات اختيار مشهودة. تتصل هذه التحولات بحسرة حل الجهاز بأمر قوى الانتفاضة في العام 1985 ويريد عبرها تعزيز وجوده المؤسسي وتسويق نفسه كمخدم مسؤول عليه ختم الوطن يرعى معاش منسوبيه ويمتد فضله للمجتمع من حوله كما الشركات التي تفاخر بما تبذل لعامة "الأهالي" تحت لافتة المسؤولية الاجتماعية.
عليه، لم يعد ممكنا اختصار مهمة إصلاح جهاز الأمن في تعديل قانونه كما كان المسعى خلال الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام الشامل ولا بد من الأخذ في الاعتبار الوزن النقابي لمستخدمي جهاز الأمن والمخابرات الوطني القائم والوقائع الاجتماعية التي تحيط بهم، هذا إلى جانب التكوين الحربي للجهاز والمليشيات التابعة له ثم المصالح المالية والتجارية التي تفرعت عنه ومنسوبيه. تدخل مهمة إصلاح جهاز الأمن في واقع الأمر ضمن أفق "تحطيم جهاز الدولة القديم" كما جرت العبارة اليسارية في زمان مضى بما يفوق الأمر البيروقراطي بحله إذ لا بد من تفكيك أنظمة الحصانات التي تحمي منسوبيه من المساءلة القانونية وإتاحة إرشيفه ووثائقه للرأي العام ضمن إجراءات للعدالة الانتقالية إلى جانب تأميم رؤوس الأموال والشركات والاستثمارات والمتصلة به.
اعتمدت في كتابة هذه الكلمة على المصادر التالية كما استفدت جدا من أفكار وليام رينو في كتابه "الحروب في افريقيا المستقلة (2011)". William Reno. Warfare in Independent Africa, Cambridge Univeristy Press, 2011
اعتمدت في كتابة هذه الكلمة على المصادر التالية كما استفدت جدا من أفكار وليام رينو في كتابه "الحروب في افريقيا المستقلة (2011)". William Reno. Warfare in Independent Africa, Cambridge Univeristy Press, 2011
1. Sikainga, A. A. Military Slavery and the Emergence of a Southern Sudanese Diaspora in the Northern Sudan 1884-1954. [book auth.] J. Spaulding & S. Beswick (Eds.). White Nile, Black Blood: War, Leadership and Ethnicity from Khartoum to Kampala. New Jersey : Red Sea Press, 2000.
2. —. Slaves into Workers: Emancipation and Labor in Colonial Sudan. Austin, Tex. : University of Texas Press, 1996.
3. يوشيكو كوريتا. علي عبد اللطيف وثورة 1924: بحث في مصادر الثورة السودانية. القاهرة : مركز الدراسات السودانية، 2004.
4. الحزب الشيوعي السوداني. بيان اللجنة المركزية، 25 مايو 1969. الخرطوم : الحزب الشيوعي السوداني، 1969.
5. MacMichael, Harold. The Anglo-Egyptian Sudan. London : Faber & Faber, 1934.
6. Alavi, Hamza. The State in Post-Colonial Societies: Pakistan and Bangladesh. New Left Review. 1972, Vol. I, 74.
7. Cabral, Amilcar. Unity and Struggle: Selected Speeches and Writings. Pretoria : Unisa Press, 2008.
8. Salmon, Jago. A Paramilitary Revolution: The Popular Defence Forces. Geneva : Small Arms Survey, 2007.
9. Young, John. The Fate of Sudan: The Origins and Consequences of Flawed Peace Process. London : Zed Books, 2012.
10. Claudio Gramizzi, Jerome Tubiana. Forgotten Darfur: Old Tactics and New Players. Geneva : Small Arms Survey, 2012.
11. —. New War, Old Enemies: Conflict Dynamics in South Kordofan. Geneva : Small Arms Survey, 2013.
12. Gramizzi, Claudio. At an Impasse: The Conflict in Blue Nile. Geneva : Small Arms Survey, 2013.
13. Mkandawire, Thandika. The terrible toll of post-colonial 'rebel movements' in Africa: towards an explanation of violence against the peasantry. J. of Modern African Studies. 2002, Vol. 40, 2.
14. Waal, Alex de. Dollarised. London Review of Books. 2010, Vol. 32, 12.
15. Abdel-Rahim, Muddathir. Imperialism and Nationalism in Sudan: a study in constitutional and political development, 1899-1956. Reading : Ithaca Press, 1987.
16. James Coleman, Belmont Jr Bruce. The Military in Sub-Saharan Africa. [book auth.] John J. Johnson (Ed.). The Role of the Military in Underdeveloped Countries. Princeton : Princeton University Press, 1962.
17. O'Ballance, Edgar. The Secret War in Sudan: 1955-1972. London : Faber & Faber, 1977.
18. The World Bank. The Status of the Education Sector in Sudan. Washington : The World Bank, 2012.
19. سوداتل. التقرير السنوي. الخرطوم : سوداتل، 2012.
20. الشفيع أحمد الشيخ. الحركة النقابية بين تيارين. الخرطوم : اتحاد نقابات عمال السودان، 1957.
21. محمد عبد العزيز، هاشم عثمان أبو رنات. أسرار جهاز الأسرار: جهاز الأمن السوداني، الفترة من 1969 إلى 1985. القاهرة : اسم غير معروف، 1993.
22. REDRESS. Security for all: Reforming Sudan's National Security Services. London : REDRESS, 1999.
23. Amnesty International. Agents of Fear: The National Security Service in Sudan. London : Amnesty International, 2010.
No comments:
Post a Comment