Thursday, 23 March 2023

مع المرحوم محمد إبراهيم نقد: ما السيادة الوطنية؟

محمد ابراهيم نقد  ١٩٣٠-٢٠١٢

وافق يوم ٢٢ مارس هذا العام ٢٠٢٣ الذكرى الحادية عشر لوفاة المرحوم محمد إبراهيم نقد (١٩٣٠ - ٢٠١٢)، سكرتير الحزب الشيوعي السابق. اخترت في هذه المناسبة الكلمة التي استقبل بها هذا الشيوعي الباسل انتصار الإرادة الشعبية على ديكتاتورية جعفر نميري، وخرج بها إلى الناس في الميدان الشرقي لجامعة الخرطوم في ٢ مايو ١٩٨٥ بعد عقد ونصف من العمل السري.

خصص المرحوم الجزء الأول من كلمته لدحض دعوى غربة الحزب الشيوعي عن محيطه السياسي ووطن شهداء الحزب الشيوعي في صحبة سلسلة من الشهداء مضوا في سبيل مقاومة الديكتاتورية، وجعل أول السلسلة شهداء ود نوباوي والجزيرة أبا ممن سقطوا في الصراع الباكر ضد سلطة نظام مايو والحزب الشيوعي بعد شريك لها. لم يفرد المرحوم نقد في تلك الساعة عبارة ظاهرة لفرز مواقع الشيوعيين، ما كان وقتها وما استجد خلال صراعهم ضد سلطة مايو حتى الفصال الدموي في يوليو ١٩٧١، لكن اتصل سردة ليقرظ "خوة" بين الشيوعيين، الذين ناب عنهم، وبين رجال أفاضل من أقطاب الأحزاب السياسية ميزهم كما ميز معتقلي النظام بنسبتهم إلى "الوطنية السودانية بكل عمقها". 

اختار المرحوم محمد من وحي "الوطنية السودانية" أن يجعل جل اهتمامه تفصيل ما حاق بالسيادة الوطنية، في المعنى الذي ترومه كل حركة للتحرر الوطني كما الحزب الشيوعي (وريث الحركة السودانية للتحرر الوطني [حستو])، من ضرر بالغ جراء تكتيكات نظام جعفر نميري. سرد المرحوم محمد العلاقة الانتهازية بين نظام نميري والولايات المتحدة الأميركية خاصة في شقها الأمني والعسكري. نسب المرحوم محمد جانب من هذه العلاقة إلى حاجة السودان للقمح الأميركي، وانتهى إلى رفض المعادلة التي تقول "القمح مقابل القواعد" العسكرية، وأعلن بعد أن أثبت أن كل واحد من أربعة مواطنين يعيش على القمح الأميركي "أمسكوا قمحكم وأمسكوا قواعدكم." 


ليست كلمة منبرية ككلمة المرحوم محمد موقعا مناسبا لشرح موجبات الكفاية الغذائية حتى يصبح مثل هذا الرفض أجندة للنضال السياسي. لكن الواقع، ألا الحزب الشيوعي ولا غيره من أحزاب "الوطنية السودانية" استطاع أن يستخلص من حقيقة مجاعة أول الثمانينات وتداعياتها بما في ذلك انتفاضة أبريل ١٩٨٥ ما يساعد على فض هذه العلاقة الاعتمادية ويجعل الطعام مكونا من مكونات هذه "الوطنية" أو من مكونات التحرر الوطني بجد.


حاقت بالسودان في الأعوام ١٩٨٣-١٩٨٥ مجاعة متصلة كان إعلانها الرسمي بعد تلكؤ حكومي في نوفمبر ١٩٨٤، تأثر بها ما بين ٨،٥ و١٠ مليون شخص، أي نصف سكان البلاد وقتها تقريبا، جلهم في أقاليم السودان الغربية وفي هضاب البحر الأحمر. تأخرت مستويات الأمطار عن المتوقع منذ العام ١٩٨٠ وتدهور بذلك إنتاج الحبوب في كل مناطق الإنتاج بخاصة في مواقع الإنتاج التقليدي المطري التي توفر في العادة ٨٠٪ من حصاد الحبوب. بلغ مستوى الأمطار في موسم ١٩٨٤ ما يقدر بحوالي ٦٠٪ فقط من المتوسط وتناقص إنتاج الحبوب بذلك إلى نصف المتوسط تقريبا. بلغ إنتاج الذرة في العام ١٩٨٤ حوالي ثلث إنتاج العام ١٩٨٣، حيث قدر العجز الكلي في ذلك العام بحوالي ٣٠٪ من حاجة البلاد من الحبوب. 


كان أشد الوقع على مزارعي شمال كردفان وشمال دارفور الذين خاب زرعهم بالكلية ذلك العام، الأمر الذي دفع بآلاف الأسر إلى غيهب النزوح شرقا بحثا عن المرعى أو عن ملجأ في الحضر. نزح حوالي ٣٠٠ ألف شخص في العام ١٩٨٣ من شمال دارفور إلى جنوبها، وتضاعف العدد في ١٩٨٤، كان من بينهم ممن انتهى بهم المسير في نيالا الطفل محمد حمدان دقلو. منعت النزاعات حول حقوق الأرض النازحين من شمال كردفان من بلوغ جنوبها وتوجهوا بدلا من ذلك إلى أم درمان حتي بلغ عدد النازحين المعدمين في أم درمان عام ١٩٨٤ حوالي ٤٢ ألف شخص. أما في البحر الأحمر فقد دفع الجوع وهلاك المواشي ١٠ آلاف من الرعاة البجا إلى معسكرات الإغاثة على طول الطريق بين كسلا وبورتسودان. 


لم تنقطع هذه المأساة بالانتفاضة في ١٩٨٥ بطبيعة الحال حيث استمر مخزون الغذاء في المناطق المتأثرة بالجفاف في التناقص ومعه تزايدت معدلات الاعتماد على الإغاثة التي لم تحل دون تضاعف معدلات سوء التغذية. والمرحوم محمد يتحدث في ميدان الجامعة، كان حوالي المليون شخص من إجمالي ٢٠ مليون تقريبا، عدد السكان الكلي وقتها، قد انتهى بهم شقاء المجاعة في مواقع النزوح، تشقق ما يرم حياتهم بفعل الجدب ونفوق المواشي إلى بوار.  


رصدت الهيئات الدولية توفر كميات كافية من العون الغذائي في العام ١٩٨٥ لكن حال خراب بنية النقل دون وصول هذا العون لمن يحتاجه. تكدست المعونات في بورتسودان وسبب التعطل المتكرر لآليات المناولة في الميناء في فجوة قدرها خمسة أيام بين رسو السفن وبداية عمليات التفريغ. حُملت المؤن على اللواري لنقلها من بورتسودان إلى كوستي ومن ثم عبر السكك الحديدية إلى دارفور وعبر اللواري إلى كردفان، لكن منع شح الوقود انسياب عمليات النقل كما فضلت إدارة السكة حديد بدافع الربح نقل السلع الاستهلاكية إلى المراكز الحضرية على نقل المعونات الغذائية إلى الريف الغربي الجائع. فوق ذلك، انقطع خط السكة حديد بين كوستي ونيالا في أكثر من موقع بجرف السيول. 


لم يتأخر رأس المال التجاري في استغلال الفرصة التي أتاحها قرص الجوع وهزال سوء التغذية فتسابق أصحابه في جني الأرباح أضعاف مضاعفة من عقود نقل الإغاثة من كوستي إلى الأبيض. تضخمت أسعار النقل ورفض أصحاب رؤوس الأموال الرضى بسعر ثابت للنقل، والأسعار جري وطيران. ظن الناس سوءا بكامل عمليات الإغاثة وهم يرون أرباحها تتدفق فنشبت في كوستي، مركز نقل الإغاثة الرئيس إلى غربي السودان، أعمال عنف تكررت على الطرق، الأمر الذي صار مبررا إضافيا لزيادة أسعار النقل. تعثرت عمليات النقل أكثر بهطول الأمطار التي ضاعفت هي الأخرى من معاناة النازحين الجوعى بانتشار الأمراض المعدية. 

 

لم تكشف الأمطار الغزيرة في ١٩٨٥ ضر المجاعة فمن لم ينزح عن أرضه وطلب الزراعة لم يجد البذور ومن وجد البذور افتقد الحيوان للحراثة ومن وجد الحيوان هزمته التربة التي جرفتها المياه الغزيرة وأهلكها الاستخدام المفرط. كان الجفاف هو العلة المباشرة للمجاعة لكن دواعيها الباطنية مما يوكل للحزب الشيوعي تشخيصها وتجمير السياسة من وحيها. المجاعة دالة للعلاقة بين الغذاء والناس، وهي في جانب عظيم منها ميل في التوزيع يعكس القدرات الشرائية المتفاوتة للفئات الاجتماعية المختلفة في صراعها على الموارد المتاحة، أي أنها من حاصل السوق، وما العنف الذي نشب في كوستي وفي طرق النقل سوى احتجاج على هذا العوج. لذلك، لا يكفي كشف حساب إنتاج الحبوب في مقابل عدد السكان في شرح المجاعة فمجاعات العصر الأكثر فتكا، البنغال (١٩٤٣)، وولو [اثيوبيا] (١٩٧٣)، بنغلاديش (١٩٧٤)، سطت على الناس وسط وفرة في إجمالي المحاصيل الغذائية وفي أحيان زيادة ظاهرة في الإنتاج. 


تناقص إنتاج الحبوب بين الأعوام ١٩٨٠ و١٩٨٤ بالمجمل بنسبة ١٣٪، فالسؤال إذن، هل كان هذا التناقص المحدود نسبيا هو سبب أذى المجاعة الذي أصاب ١٠ ملايين من الناس؟ بحساب الخسائر، وقع أعظم الضرر في شمال دارفور على الرعاة، ثم مزارعي الذرة والدخن، ثم العمال الزراعيين (من وجدوا منهم عملا) ثم مزارعي المحاصيل النقدية بنسب تناقص في الذي يصل موائدهم من غذاء قدره ٨٢٪ و٨٠٪ و٧٥٪ و٦٥٪ على التوالي. تكرر ذات النمط في كردفان، لكن بوقع أشد بسبب الزيادة الأكبر في أسعار الحبوب حيث تناقص ما يصل موائد الرعاة بنسبة ٩٩٪ ومزارعي المحاصيل النقدية (الفول والسمسم) بنسبة ٩٥٪ ومزارعي الذرة والدخن بنسبة ٨٠٪. وتناقصت هذه المعدلات في البحر الأحمر بنسبة ٩٩٪ وسط الرعاة و٨٤٪ وسط مزارعي المحاصيل النقدية و٦٠٪ وسط مزارعي الحبوب و٤٨٪ وسط العمال الزراعيين. 


وقع الرعاة بالذات في قبضة السوق، طلبوا بيع مواشيهم بغرض شراء الحبوب، لكن تهاوت أسعار المواشي بسبب تزايد عرضها في السوق واستغلال تجار الحبوب للحاجة الضاغطة التي تدفع الرعاة لبيع ما بيدهم بأي سعر كان. بذلك كانت حصيلة المجاعة انتقال ثروة الرعاة ككتلة اجتماعية إلى خزائن رأس المال التجاري التي عبت فيها من جهة أخرى أرباح عقود نقل الإغاثة. تجد برهان هذا النقل القسري للثروة في التناقص المطرد في متوسط عدد رؤوس الماشية المملوكة لأسرة واحدة في شمال كردفان من ٧٠٠ رأس من الضأن في ١٩٧٥ إلى ٤٠ رأس في ١٩٨٥ و١،٥ رأس في ١٩٩٢ ومن ٦٠٠ رأس من الإبل في ١٩٧٥ إلى ٤٠ رأس في ١٩٨٥ و٠،٤ رأس في ١٩٩٢. أما العمال الزراعيين فإما أفرغت العطالة موائدهم بالكامل أو فرض عليهم رأس المال التجاري أجورا ثابتة في مقابل أسعار الغذاء المتصاعدة. وخزائن رأس المال التجاري هي ربما الموارد التي تخرج منها الديكتاتورية كرة تلو الأخرى، فمثل منجزات مجاعة ١٩٨٣-١٩٨٥ يصعب تحقيقها حبا وكرامة. 


جاء المرحوم محمد على ذكر زيارة جورج بوش الأب، نائب الرئيس الأميركي وقتها، إلى السودان وما دار بينه ونميري. نقلت نيويورك تايمز في عدد ٧ مارس ١٩٨٥ من كلمة نائب الرئيس بوش في معسكر لنازحي المجاعة في الأبيض قوله: "جئت من الولايات المتحدة الأميركية باسم الرئيس ريغان والشعب الأميركي بتكليف أن أساعد في التغذية وفي الرعاية الصحية وأمد أيدينا وأفتح قلوبنا لمساعدة الناس الذين نزحوا عن أرضهم بسبب الجفاف والمجاعة". تضرع الناس لله عز وجل في شمال دارفور وقد هبط عليهم "عيش ريغان" بردا وسلاما أن يبلغ الله صاحب العيش البيت الحرام.


وجد زيت الطعام الأميركي الذي ورد بورتسودان إغاثة طريقه على يد التجار إلى الدكاكين في أم درمان ومدن أخرى فكرهته ربات البيوت وقلن عنه "زفر"، من زفارة الإمبراطورية الأميركية. تقول ديباجة الزيت النباتي الذي وردته الإغاثة الأميركية أنه مستخلص من بذور اللفت والذرة الشامي وبذرة القطن والزيتون والقرطم وفول الصويا والسمسم أو أي زيت نباتي آخر ومدعم بفيتاميني (أ) و(د). 



اعتمدت في كتابة هذه الكلمة على تقرير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "السودان الجفاف/المجاعة ١٩٨٣-١٩٨٥"؛ ورقة كريستوفر لوك وزملاءه "تحليل المجاعة: دراسة الاستحقاقات في السودان، ١٩٨٤-١٩٨٥" المنشورة في عدد ٢، مجلد ٤١ من مجلة "التنمية الاقتصادية والتغيير الثقافي" (جامعة شيكاغو)، يناير ١٩٩٣؛ عدد ٧ مارس ١٩٨٥ من صحيفة نيويورك تايمز؛ ورسالة الدكتور أحمد حمودة حامد لنيل درجة الدكتوراة من جامعة ليدز بعنوان "سياسة المجاعة في السودان: حالة دار حامد ودار حمر"، سبتمبر ١٩٩٥. 


جانب من كلمة المرحوم محمد إبراهيم نقد في الميدان الشرقي، جامعة الخرطوم، ٢ مايو ١٩٨٥ 

 

التحية ليكم واستميحكم في بداية هذا اللقاء الأول أن أتقدم نيابة عنكم جميعا بالتحية والإجلال لكل سوداني بذل دمه واستشهد في الصراع ضد حكم الفرد المطلق. وفي هذا أبدأ بكل الشهداء، دون استثناء، وإن كان هناك من ينكر على الشيوعيين فضل الاستشهاد فإننا لا ننكر على أحد مجد الاستشهاد. التحية لشهداء ود نوباوي والجزيرة أبا. التحية لشهداء ١٩ يوليو ١٩٧١. التحية لشهداء شعبان ١٩٧٣. التحية لشهداء ٥ سبتمبر ١٩٧٥. التحية لشهداء ٢ يوليو ١٩٧٦. والعار والخزي لأولئك الذين وصفوهم بأنهم مرتزقة وأنهم عملاء. التحية لشهداء مطار جوبا وأحداث أكوبو في الجنوب. التحية للذين استشهدوا في انتفاضة ١٩٨٠ و١٩٨٢ في العاصمة، في مدني، وفي سنجة، في عطبرة. التحية لشهداء انتفاضة دارفور. والتحية لشهداء انتفاضة السادس والعشرين من مارس ١٩٨٥. 

 

إننا لا نضع فارقا بين شهداء حزبنا وشهداء كل الأحزاب والاتجاهات السياسية التي ناضلت ضد حكم الفرد. التحية لكل الذين دخلوا المعتقلات في فترات مايو المختلفة من كل الأحزاب من كل الاتجاهات والذين لم ينتموا لحزب أو لاتجاه وإنما انتموا للوطنية السودانية بكل عمقها. التحية للذين مارسوا المعارضة من خارج الوطن سوى أن كانوا في معسكرات في ليبيا أو في معسكرات في أثيوبيا أو في النشاط السياسي في إنجلترا أو في دول أوروبا المختلفة. الاعتراف والاحترام لكل من أسهم بدور ولو قليل في فضح نظام السفاح وفي إسقاطه. والتحية لأولئك النفر من المواطنين الذين ناضلوا نضالا له معناه لأنهم حافظوا على كرامتهم من تلوث البيئة المايوية.

 

وكحزب لا نطلب سوى رجاء بسيط وهو أن نتقدم بالشكر لأولئك الذين آوونا في ديارهم وفتحوا لنا بيوتهم وقلوبهم، الذين سمحوا لنا أن نجتمع في بيوتهم، الذين سمحوا لنا أن نلتقي في ديارهم، الذين سمحوا لنا أن يحملوا ورقة من زميل إلى آخر، الذين علمونا وعرفونا بما يدور في الخارج، في الشارع. وكنا بما يحيط بنا من ضيق الحركة والاختفاء ما كان بإمكاننا أن نعرف، ما كان بإمكاننا أن نعلم، ما كان بإمكاننا أن نختفي، فنحن لسنا عصابة مافيا، لسنا هبماته. نحن اختفينا واستطعنا أن نختفي ١٥ سنة أو ١٦ سنة لأن شعبنا كان مدرك لأهمية أن نختفي ونناضل نضالا سريا بعيدا عن جهاز الأمن. 

 

وفي هذا أسمحوا لي أيضا كحزب أن أشكر قادة الأحزاب الذين برغم الملاحقة وبرغم الظروف الصعبة سمحوا أن يلتقوا بنا وأن يستمعوا لوجهة نظرنا، اتفقنا أو اختلفنا موضوع آخر، ولكن مجرد سماحهم أن يستمعوا لوجهة نظرنا وأن يلتقوا بنا ونحن مطاردين موقف كريم وموقف فيه رجولة، يجب أن نحترمه ويجب نشكرهم. أذكر على رأسهم المرحوم عبد الرحمن النور، مولانا القاضي. ولو كانت وحدة المعارضة يمكن أن تتجسد في رجل لتجسدت في مولانا عبد الرحمن النور لأنه سعى بكل الوسائل لتوحيد المعارضة على كبر سنه وعلى مرضه وعلى بقائه الطويل في المعتقلات. نشكر أيضا الصادق المهدي، نشكر إدريس البنا، نشكر دكتور إبراهيم الأمين. ومن الاتحاديين نشكر الشهيد الهندي. في إنجلترا كان على استعداد باستمرار أن يلتقي بزميلنا الدكتور عز الدين علي عامر. كان باستمرار بيكتب لي ناسه هنا عشان يتصلوا بينا عشان يستمعوا لوجهة نظرنا. نشكر من هؤلاء الحاج مضوي، ونشكر حسن حمد ونشكر محيي الدين، بنشكر عبد الوهاب الشيخ، بنشكر زين العابدين الهندي، بنشكر محمود حسين، بنشكر محمود زروق، بنشكر الشاذلي الشيخ الريح وبنشكر دكتور شداد. بنشكر أيضا السيد محمد عثمان الميرغني الذي استقبل أكثر من مرة الأخ عبد الكريم ميرغني وهو شخص مستقل بيحمل رأينا أو مقترحاتنا للسيد محمد عثمان وبينقل لينا رأيه. هذه حقائق للتاريخ نقولها لكي يعرف الشعب أن قوى المعارضة بمختلف اتجاهاتها كانت بتسعى للوحدة، كانت بتسعى في الخفاء وما كان في مقدورها تعلن كل شيء عشان ما تتوحد وتطيح بنظام نميري.

 

الإطاحة بنظام نميري ما جات صدفة جات عبر دماء وجات عبر جهد. كل واحد فيكم ساهم في هذا الجهد. وعشان كده انتو الليلة في هذه الليلة. كنا نتمنى أن تكون هذه الليلة السياسية وكل الليالي السياسية لكل الأحزاب منبرا مشتركا نتحدث فيه جميعا باسم أحزابنا ونحن موحدين في إطار الميثاق الوطني. ما فات فوات. في ليالينا القادمة وفي ليالي الآخرين بنقترح توفيرا للجهد، توفيرا للوقت، دعما للوحدة، أن يتحدث زعماء الأحزاب وممثلي الأحزاب في ليالي سياسية مشتركة، في ندوات مشتركة طالما أننا موحدين بالميثاق الوطني وهو ميثاق عظيم، ميثاق واضح، ميثاق جدير بأن نحافظ عليه وأن نطوره لقدام. في حديث هذه الليلة وقد طغى عليها طابع المهرجان وطابع الشباب أود أن أتناول قضايا بعينها تهم الوطن. أبدأوها بقضية السيادة الوطنية وما أصابها ثم انتقل لقضية الديمقراطية وجهاز الدولة مركزا على جهاز الأمن وأخيرا أتعرض لفترة الانتقال والمهام المطروحة فيها. 

 

شعبنا تميز بتاريخ حافل في الدفاع عن سيادته واستقلاله. عارض القواعد العسكرية قبل الانجليز ما يطلعوا من السودان، عارض حلف الشرق الأوسط، عارض مشروع آيزنهاور، عارض مشروع الحزام الافريقي. لكن في ظل نظام نميري تعرضت السيادة الوطنية لمحنة. أول المحن سماحه بإنشاء قواعد أميركية في السودان وسماحه بقرار شخصي ما عرضه على مجلس وزراء وعلى عرضه على مجلس شعب ولا عرضه على أي جهة، سمح ليهم في المرحلة الأولى أنهم يقيموا أربعة قواعد عسكرية، واحدة في جهة أركويت، واحدة في الغرب في الفاشر، واحدة في المجلد والأخيرة في الجنوب في أعالي النيل. سمح ليهم بمناورات قوى الانتشار السريع في السودان مرتين. وبعد ما جاء مستر بوش نائب الرئيس الأميركي، طلب من نميري ونميري وافق، إنه يسمح ليهم بمطارات عسكرية جديدة. واحد في الشرق، واحد في زالنجي، واحد في كافي كنجي في بحر الغزال، ومحطة لمراقبة الأقمار الصناعية في منطقة أركويت في القاعدة الموجودة في شرق السودان. 

 

هذه الاتفاقات بين نميري والحكومة الأميركية غير ملزمة للشعب السوداني، غير ملزمة للدولة السودانية، ولن نسمح بإقامة قواعد عسكرية لأي دولة في السودان، أكرر لأي دولة في السودان. السودان بلد مستقل، السودان بينتمي لدول عدم الانحياز، السودان ما عنده عداء مع أي دولة مجاورة من الدول الثمانية المحازية لينا ولذلك مافي داعي للقواعد. كان أمريكا عندها حسابات عايزة تصفيها مع أي دولة تشوف ليها طريق تاني، تشوف أرض تانية، لكن السودان مش تكساس! 

 

الحاجة الأخرى والمهمة بالنسبة لينا أن السودان في عهد نميري تحول لمعسكر ضخم لتدريب المعارضين في دول مجاورة، تدريب الأرتريين، تدريب الأثيوبيين، تدريب معارضين من اليمن الجنوبي، تدريب معارضين من ليبيا، تدريب معارضين من سورية. طيب، ما نحن بلد ضعيف، وبنحتاج لي علاقات طيبة مع هذه الدول. ليه السودان يتحول إلى مركز للتخريب ضد دول عربية وضد دول افريقية. هذه المعسكرات وهي قفلت الآن بعد الانتفاضة يجب ألا تفتح مرة أخرى تحت أي ذريعة وتحت أي سبب. نحن بنرغب في العلاقات الدبلوماسية المستقيمة مع الولايات المتحدة الأميركية، بلد متطور، بلد صناعي، دولة عظمى، عندها ما نتعلمه وعندها ما تقدمه لينا. بنشكرها على القمح الأميركي اللي دلوقت بتقدمه لأن كل مواطن سوداني من أربعة في الوقت الحاضر بيعيشوا على القمح الأميركي لكن ما يبقى القمح قصاد القواعد زي حكاية فلسطين الأرض قصاد السلام. ما كده، الشعوب ما بتساس بالطريقة دي ولا ممكن الناس يقبلوا. صحي، نحن بندرك المحنة والمجاعة اللي عايشها السودان. بندرك ثقل اللاجئين من الدول المختلفة في داخل السودان. لكن القمح مقابل القواعد. لا. حقنا، يعني حق الله بينا وبينكم. أمسكوا قمحكم وأمسكوا قواعدكم. 

 

حاجة أخرى تعرضت ليها السيادة الوطنية السودانية عن طريق الاتفاق مع شركة شفرون. ما عندنا مانع شركات أميركية، غير أميركية، تنقب عن البترول عن المعادن في السودان باتفاقات واضحة تجاز من خلال الهيئات التشريعية الموجودة في البلد، أيا كان نوعها. ولكن كان الاتفاق في الأول أنه البترول البيتم اكتشافه يستهلك محليا لحل الضائقة في الطاقة ولتوفير عملات صعبة ولحل أزمة ميزان المدفوعات. لأنه شفرون أدركت أن وضع السودان متدهور انتقلت لأنها فرضت أنه أي نقطة بتاعت بترول تكتشف تنقل عبر خط الأنابيب إلى مرسى (؟؟؟) وده لسببين، أولا بيرفع أسهمها في سوق المال العالمي بوصفها شركة اكتشفت بترول بتصدره، وثانيا عشان تستعيد التكلفة بتاعتها. بنرى هذا الجزء من الاتفاقية يجب أن يراجع والبترول السوداني يجب أن يستهلك في داخل السودان لأنه الاحتياج ليه في الداخل هو الأساس ونشوف حسابنا مع شفرون في وقت آخر.

 

مشكلة أخرى تعرضت لها السيادة الوطنية السودانية وهذه المرة من القريب وظلم ذوي القربى عارفين انتو قصته. قصة حلايب، في أغسطس ١٩٨٣ القوات المصرية دفعت خط الحدود بين مصر والسودان من خط ٢٢ إلى خط ٢٠ ووصلت لي محمد قول. والناس البعرفوا البحر الأحمر بيدركوا هذه المسافة وهذا البعد. في بحيرة النوبة تغولوا على المياه السودانية، ضربوا صيادين السمك السودانيين، منعوهم يصطادوا، وهم ما (؟) المساحة اللي بيصطادوا فيها. إذا كانت مصر محتاجة للدفاع عن نفسها لكل أرض السودان كعمق استراتيجي تتفضل ما عندنا مانع. إذا تعرضت مصر لعدوان خارجي في أي لحظة من اللحظات كل إمكانيات السودان تحت تصرفها، وأنا ما بتكلم كلام حماس. في ٥٦ الشعب السوداني وقف وقفته المشهورة، عمال المطارات وعمال الموانئ قاطعوا الطائرات البريطانية والفرنسية والسفن الفرنسية والسفن البريطانية. في عام ٦٧ في العدوان، فتح مطار وادي سيدنا لاستقبال ما تبقى من سلاح الطيران المصري. سافرت قوات سودانية ورابطت في قناة السويس. إذن ما في مشكلة في أنه في أي لحظة مصر تتعرض لعدوان إنه السودان يسندها. لكن مصر في الوقت الحاضر طلعت من المعركة، طلعت من معركة العرب كله كله، صالحت إسرائيل، بقت في سلام ووئام مع أميركا، جاية هنا ليه، ليه توسع الحدود. 

 

بنطلب من المصريين، من الحكومة المصرية أن تدرك حقيقة أساسية، أننا بنتكلم من موقع الصداقة لمصر من موقع الوفاء لشعب مصر، من موقع احترام الجوار، ومن موقع أن شعب السودان يستحيل يسمح لأي عدو أن يطعن مصر من حدودها الجنوبية. لكن لمن نلقى في نظام عبود، في النظام العسكري بتاع عبود وضعفه مصر تضغط عشان ما توقع اتفاقية مياه النيل وفي ظل نظام نميري وعزلته تضغط عشان ما تعمل اتفاقية الدفاع المشترك، وتضغط عشان ما تعمل التكامل وتضغط عشان ما تاخد حلايب، ده خطأ وفيه قصر نظر ممتد في الدولة المصرية من محمد علي باشا إلى آخر حاكم اليوم في الدولة المصرية. وكده ما بتمشي. السودان ما ممكن يكون جزء من مجريات الوجه القبلي المصري. السودان دولة ذات سيادة وجا الوقت اللي ناس يدركوا هذه الحقيقة. ما ممكن نرجع تاني لي سنة ٤٦ إنه صدقي-بيغن، البروتوكول بتاع صدقي-بيغن، والنقراشي مشى هيئة الأمم عشان يرفع قضية السودان. ما كده، المسألة اختلفت، ما في زول بيختنا تحت أباطه، لأنه يا بقينا حبن يا بقينا اشقدي ليه، وما ممكن! 

 

من موقع الصداقة ومن موقع الحرص على الوحدة، من موقع احترام الشعب المصري ونضاله. من موقع إنه ما دايرين مشاكل مع زول، ناس في حالنا، حالتنا تعبانه عايزين نرفع البلد لي فوق. لازم نسأل الحكومة المصرية، في ١٩ يوليو ترسل ناس، في الجزيرة أبا يجوا السادات ويجوا حسني مبارك ويضربوا الجزيرة الصغيرة دي بالطيارات وبسلاح الطيران. وكان ممكن (؟)، في سبتمبر ١٩٧٥ مرسلين ناس، في ٢ يوليو مرسلين ناس، كانوا خاتين عشرين ألف على الحدود الشمالية للسودان، في أي لحظة يمكن نقلهم. ليه؟ يعني ليه؟ كلما السودان حكموهو عسكر وضعف الحكومة المصرية تحاول تفرض إرادتها، ده طريق خطر وطريق ما صحيح لمصلحة الشعبين نحن بنطالب بإيقافه عند حده وبنطالب بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك بينا وبينهم. 

 

وبنفس المستوى بنطلب من الحكومة المصرية حاجة واحدة. ما ممكن تستضيف سفاح شعب بأكمله. لأنه لما يتذكر أسماء زي دي. لما أرسلوا ناس جهاز الأمن بتاع مأمون عوض أبو زيد، رسلو عبد الخالق محجوب والصادق المهدي لي مصر كاعتقال وكمنفى رسلنا لي عبد الناصر رسالة بكل الود، بكل الاحترام أنه ما ممكن مصر تبقى منفى للوطنيين السودانيين. بنفس القدر مصر ما ممكن تكون ملجأ لي سفاح زي السفاح نميري. نحن موجودين هنا ومعانا أخوانا الفلسطينيين، في كلام على إنه الليبيين عايزينه والفلسطينيين عايزينه. نرجوكم، ده صيدة بتاعتنا نحنا ما في زول يهبشه. دايرينه جاهز بشحمه ولحمه، زي ما كان بتخوجل هنا زي الديك في صينية الشاي، لازم نجيبه، لازم نجيبه السودان، لازم يجي للسودان. وفي كلام بتحت تحت أنه عايزين يحركوه لرومانيا. نحن بنطلب من الشعب الروماني وحكومة رومانيا إذا صحت هذه المعلومات احتراما لخاطرنا إنه يسيبوا الموضوع ديه. قالوا حيمشي يصوم رمضان في الحرم الشريف. ده ما بحله، الحرم الشريف ما حيحله. ما في أي جهة لا في الأرض ولا في السماء يمكن أن تحمي جعفر نميري من غضب الشعب السوداني.

 

لأنه وحيظل، ما ممكن، ما ممكن، ما ممكن على الإطلاق كل واحد يجي يعني يحكم السودان يعدم ده ويقتل ده ويشنق ده، وبعدين يمرق كده بلحمة حشاهو وكمان يلقى دول أخرى تحميه. ده ما ممكن، دي ما عدالة ولا عدل ولا مقبول. ولازم لازم القوى بتاعت الانتفاضة الشعبية، القوى اللي وقعت على الميثاق يجب أن تتفق إذا كانت إسرائيل على ما نعرفه عن إسرائيل بتمشي تصطاد الناس اللي عذبوا اليهود وبتجيبهم لي إسرائيل تحاكمهم نحن ما أقل قدرة من اليهود ومن إسرائيل. يجب أن نتفق بكل الطرق أنه الزول ده يجي هنا ونحاكمه هنا. ما في، ما في، ولا الموت حيشيلوا مننا ولا الحرم الشريف حيحميه مننا، ما في، وبنكلم الأخوان المطوفين أنه يبعدوا من الزول ده!

 

القضية الأخيرة اللي مست السيادة الوطنية السودانية هي قضية الفلاشا. المعلومات سلفا عرفت، وأحب أن أؤكد أن هذه المعلومات قبل أن تنشر، نقلت للخارج وسلمت لي قيادات فلسطينية نافذة لكن حصل عليها صمت ويبدو أنه العملية مرتبطة بالتسويات الجانبية واللبتجري خلف الكواليس والحلول الاستسلامية والمخطط الأميركي لترتيب الوضع في المنطقة. المنطقة ما حتترتب ولا حتستقر ولا الأمريكان حيقدروا يسيطروا عليها ولا الشيطان الأحمر حيقدر يسيطر عليها لأنه شعوب هذه المنطقة مصممة على سيادتها، على استقلالها، على حريتها وعلى إبعاد أي تدخل أجنبي من الأراضي بتاعتها.

 

بقولوا أنه في تحقيق في ماشي في قضية الفلاشا. كويس ما عندنا مانع، بننتظر ونصبر، صبرنا خمستاشر سنة بنصبر خمستاشر يوم، ما في مشكلة. لكن يجب أن يعلم الشعب السوداني أن ايريل شارون، الجزار السفاح، جا ونزل في مطار الخرطوم، كان ماشي بطيارته لي زائير عشان ما يزور مابوتو. عملوا بأنه الطيارة بنزينها نفذ، وما كان نفذ. إسرائيل ما بتخطئ أخطاء زي دي، ما بترسل طيارة ببنزين ناقص، ده ممكن سودان ايرويز تعمله. لكن نزل وناقش مع المسؤولين السودانيين في الوقت داك، نميري، عمر محمد الطيب والآخرين، موضوع الفلاشا.

 

جا مابون، نائب الرئيس بتاع دولة إسرائيل، وجا منتحل شخصية مدير شركة عالمية وقابل المسؤولين وناقش الموضوع بتاع الفلاشا. جا ديفيد كمحين، من الخارجية الإسرائيلية، وعاش في البلد دي ونظم الموضوع بتاع الفلاشا. دي قضايا بتتعلق بسيادة السودان كدولة، قبل ما نتكلم عن العرب وفلسطين والحاجات البقت مسلوبة دي، ما تعرف منه مع فلسطين ولا تعرف منو الضد فلسطين. لكن سيادة السودان الوطنية مست، وهذه القضية يجب أن يحاكموا الناس الاقترفوها والقاموا بيها. الحاجة الثانية مقابل ترحيل الفلاشا، حتسمعوا أسماء الفاتح عروة ولا هاشم عروة من جهاز الأمن وواحد اسمه فؤاد بندر وواحد اسمه إسماعيل موسى. حتسمعوا أشياء كثيرة جدا. لكن السواقين السودانيين البسوقوا اللواري في منطقة القضارف نبهوا لي أنه في صباعات مضيئة اللي هي صباعات الفسفور برموها في حتت معينة عشان اللواري بالليل الشايلة الفلاشا من المعسكرات تتبع الصباعات عشان تصل لي حتت معينة ومنها جهاز الأمن يستلمها ويوصلها لمطار الخرطوم ويشيلوهم بالطيارات يودوهم. ده كلو أخوانا في الطيران المدني كتر خيرهم في بياناتهم النقابية طلعوهو وأدوهو للناس. الحاجة الثانية قصاد ترحيل الفلاشا قبضوا قروش وقبضوا قمح، يعني القمح البتاكلوا فيهو ده شوفوا ليكم فتوى تحللوا ليكم لأنه (؟). 

 

لكن إسرائيل تقدمت بعروض أخرى لنميري بأنها تتجسس على حركة تحرير شعب السودان على الSPLA  بتاعت الجنوبيين وأنها تديهو أجهزة متطورة للتجسس الداخلي لي جهاز أمنه، تديهو مدافع صغيرة، شفتوا المدفع الإيزو اللي قتل الشهداء، كل يوم كان بنستغرب على المدافع الصغيرة اللي شايلينها ناس الأمن أثناء المظاهرات، دي مدافع إسرائيلية وجات من إسرائيل مقابل القضية بتاعت الفلاشا. العملية دي تمت بوساطة أميركية ومصرية. إسرائيل ما اتصلت بنميري مباشرة. المصريين توسطوا وسكتوا، والأميركيين توسطوا وفي الأخر ضغطوا، لأنه في الآخر لما اتكشفت المسألة وبقت فضيحة دولية ناس نميري حاولوا يوقفوا. في الزيارة بتاعت بوش قال ليه أصلوا الخبر كان حيطلع. يعني هم بلعبوا بيهو زي ما هم عايزين. طيب إذا الخبر أصلوا بطلع مورطنه ليه، ما كان من الأول تخلوا المسألة. التفاصيل حتجيكم لما الناس ديل ينشروا المعلومات اللي قالوا هم بجمعوها والتحقيقات البيعملوا فيها. دي قضايا بتمس السودان ويجب أن يحاسبوا حساب عسير وبدون أي رحمة الناس اللي افترفوها لأنها دي ما (؟؟؟؟). 

 

أنتقل للقضية الثانية وأحاول أن أختصر عليكم، الليل طال، هي قضية جهاز أمن الدولة. الجهاز ده ما جهاز مخصص للسودان. السودان فيه ناس بابكر الديب الله يرحمه، كان في أبارو، كان في غيره وكانوا ممشين الحال يعني. أصلها شيوعيين أقبضوهم، شيوعيين حاكموهم، وزع منشور جيبوه، ما تخلوهم يوزعوا المنشورات، أقبض الناس. يعني ما كان في مشكلة في الأمن الداخلي (؟). حجم الجهاز الحالي تضخم وأصبح مش دولة داخل الدولة، لا أصبح امبراطورية فوق الدولة. لأنه هو المركز الإقليمي لوكالة المخابرات الأميركية وبتشتغل بيه من السودان لغاية نيجيريا، وبتشتغل بيهو من السودان لغاية عدن، وبتشتغل بيهو من السودان لغاية يوغندا، وبتشتغل بيهو من السودان لغاية السعودية وبتقوم بيهو بعمليات عالمية زي ترحيل الفلاشا وبتقوم بيه بعمليات ضد شاد، المركز الإقليمي لوكالة المخابرات الأميركية كان في السودان بموافقة نميري وبتنفيذ عمر محمد الطيب، دلوقت في زنزانة كان قاعد فيها التجاني الطيب ولا كان قاعد فيها أي شيوعي منكم أو أي واحد من ناس الأحزاب التانين. الحاجة الثانية، الجهاز ده كان بيشرف على تدريب جواسيس ومخربين من الدول الآتية، من أفغانستان ومن ليبيا ومن اثيوبيا، من اليمن الجنوبي. الجهاز ده كان في داخله ٧٨ مستشار أميركي. 

 

لما حصلت الانتفاضة الثانية، وأسمحوا لي أسميها الثانية يوم الأحد ويوم الإثنين ويوم الثلاثاء لمن الناس حاصروا القيادة العامة لحل جهاز أمن الدولة، دي كانت انتفاضة لأنه امتدت من العاصمة لحدي آخر الأقاليم، من بورتسودان لغاية الجنينة، من جوبا لغاية حلفا كانوا الناس بطالبوا بحل جهاز أمن الدولة! المستشارين الأميركان ديل كانوا موجودين هنا وشالوهم بالطيارة بتاعت شفرون، شي ودوهم المجلد، شي ودوهم شاد وشي ودوهم بورتسودان. نحن ما عايزين مشاكل، بنطلب من الأميركان يسوقوا ناسهم ديل يودوهم بلدهم. السفارة الأميركية يكونوا فيها دبلوماسيين، يكون فيها ملحقين، يكون فيها ملحق عسكري، ملحق نقابي، أي عدد هم عايزينه كدبلوماسيين أهلا وسهلا! دي علاقات دبلوماسية واضحة. لكن جاسوس أميركي يجي يشتغل في جهاز الأمن السودان عشان يخطط معاه لاضطهاد جماهير الشعب السوداني، لا! 

 

واستسمح أخوانا في السلطة ما يقولوا دي معلومات بتهم أمن البلد. أمن البلد ومعلومات البلد كانت بتمشي لوكالة المخابرات الأميركية وللسفارة الأميركية وللبنتاغون ولوزارة الدفاع الأميركية قبل ما يعرفها الشعب السوداني، قبل ما يعرفها الوزير السوداني، قبل ما يعرفها عضو مجلس الشعب السوداني، ليه؟ لمجرد لأنه هي بتمشي لدول أجنبية ولقوى أجنبية نحن حننشر أي معلومة تقع في إيدنا وأي زول عنده معلومة يوصلها لينا نحنا حننشرها. ما كان ممكن ولا كان مقبول أنه أي أميركي جاي من البنتاغون وزارة الدفاع الأميركية ولا من المخابرات الأميركية يحضر اجتماع مجلس الأمن القومي السوداني. كيف؟ وين السيادة، وين حرية البلد، وين صيانة أسرارها؟ في داخل جهاز الأمن جواسيس أميركان يقعدوا مع ضباط الأمن السودانيين عشان يحضروا التحقيق مع شيوعي ولا بعثي ولا معارض من حزب الأمة ولا الوطني الاتحادي. وين كرامة الضابط بتاع الأمن السوداني ده؟ لو كان عنده كرامة كمواطن كان حيطرد الخواجة، لكن هم باعوا ضميرهم، باعوا كرامتهم، باعوا بلدهم، ولذلك يجب أن يعاقبوا. 

 

جهاز أمن الدولة السوداني لأنه كان المركز الإقليمي لوكالة المخابرات الأميركية تآمر في شاد وتآمر في افريقيا الوسطي وتآمر في غانا وتآمر في ليبيريا وتآمر في يوغنده وتآمر في فولتا العليا، ومن ديل كلهم باستمرار كان في عملية بتاعت ناس ماشين ناس جايين عمليات بتطبخ، وكان غرفة عمليات لتنفيذ نشاط المخابرات الأميركية في افريقيا وفي الشرق الأوسط وهو أكبر جهاز أمن بتاع مخابرات في العالم الثالث، دي حقيقة أنا ما بقولها ساكت. لكن ما قدروا في تشيلي يعملوا زيه ولا قدروا في الفلبين يعملوا زيه. نحن ياخ مش شعب من الأوباش، مش شعب فاقد الكرامة، عشان يجي الأمريكي يعمل زي ما هو عايز ويجي أي أجنبي يعمل زي ما هو عايز. لا. من دلوقت لا. عشان بكرة نقدر نقول لا بقوة أكبر. 

 

الحاجة الثانية في زيارة بوش الأخيرة واستنادا لتقارير عناصر السي آي ايه وكالة المخابرات الأميركية في السودان، تصور بوش يعني هيبة وطول ونائب رئيس أكبر دولة في العالم يعني أكبر نائب رئيس في العالم، ومشغوليات أمريكا لا أول لها ولا آخر، احتياجات السودان لا أول لها ولا أخر، بناقش نميري، بقول ليه لسع نحن شايفين في خطر شيوعي في السودان، لأنه لسه في شيوعيين في اتحاد الموظفين وفي شيوعيين في جامعة الخرطوم وفي شيوعيين في مصنع النسيج. طبعا لو قالوا لي بوش الجامعة وين ومصنع النسيج وين واتحاد الموظفين ما بكون عارف. لكن ده قدموهو ليه الناس بتاعين المخابرات في السودان. طيب مالو ياخ، شنو المشكلة يعني أنه يكون في شيوعي في الجامعة أو في المصنع؟ ما كانوا في وحيكونوا في. هل دي قضية تهم أمريكا بهذا المستوى. نحن ما بركبنا الغرور ولا بنشعر أننا ناس مهمين جدا يعني مهتم بينا بوش لكن السودان وقع في المخطط الاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية اللي أصبح ما عندها شغلة غير الخطر الشيوعي، الخطر السوفييتي، الاتحاد السوفييتي عايز يعمل حزام فيه اليمن الجنوبي، فيه ليبيا، فيه جون قرنق والحزب الشيوعي السوداني في الشمال يعمل ليه انقلاب وتتربط العملية دي كلها ضد أميركا. يعني كأنه نحن ما عندنا شغله غير أمريكا، والله عندنا مليون شغله. هي كيف تنشغل بنفسها، هي كيف تكون دولة معتدلة قبل ما تطالب العالم الآخر بأنه يعمل دول معتدلة. 

 

الحاجة الثانية وبقولها بالصوت الواضح وأنا مدرك وبعرف المؤامرات اللبترتكبها وكالة المخابرات الأميركية في العالم الثالث، بتغتال وبتسمم وبتجند العملاء والفلول عشان يغتالوا وعشان يخربوا. بنطلب من السفارة الأميركية أنها تنقل عناصر وكالة المخابرات الأمريكية الموجودين في العمارة الكويتية هنا باسم وكالة التنمية الأميركية واللي اشترت ليهم الفيلات البيض الثلاثة وانت ماشي على معرض الخرطوم الدولي بتاعت أولاد مالك، اشتروهم بثمانية مليون ولا أكتر عشان يسكنوهم فيهم. سوقوا الناس ديل طلعوهم بره، نحن ما حنعتدي عليهم لكن الجاسوس لما ينكشف أمره ببقى انتهى. سوقوهم ودوهم محل كانوا وكفاية تجسس. نحن ما عايزين نكون مركز بتاع تجسس على دول عربية وعلى دول افريقية. ما عندنا مصلحة، ما دايرين شي من أي زول، أده طرفنا، بس خلونا في بلدنا. ده كل البنطلبه من الأميركان.

 

جهاز أمن الدولة لأنه كان المركز بتاع المخابرات الأميركية القوة بتاعته ارتفعت إلى خمسة وأربعين ألف، خمسة وأربعين ألف عنصر بتاع أمن، نصهم هنا في الخرطوم. نحن ما عايزين نتراءى، نحن حمانا شعبنا، ما حمتنا قدرات بهلوانية ولا أساطير بتتحكى عننا، أبدا. البسكنا والبوصلنا والبنبهنا ديل الناس العاديين، هم اللي نحنا استندنا عليهم وإذا دعى الأمر كونوا واثقين بننزل بأسرع مما طلعنا، ما في أي مشكلة في العملية دي. 

 

في عملية مهمة في هذا الجانب، وهي أنه في هذه القوة بتاعت الأمن في ناس انتدبوا من القوات النظامية، الجيش والبوليس والسجون، أعتقد مطلب عادل جدا ما يرجعوا للجيش والبوليس والسجون إلا إذا كان أصبح مسموح الناس يعملوا تنظيمات داخل الجيش والبوليس والسجون، لأنه دي قوة منظمة حصل ليها تدريب داخلي وكورسات خارجية بتاعت تدريب، عندها أهداف سياسية بتنفذها، عندها تكتيكات معينة بتتبعها، عندها شفرة معينة بتشتغل بيها، وجودها في الجيش بيعني وجود تنظيم داخل الجيش، الناس ديل ما يرجعوا الجيش، ما يرجعوا البوليس ما يرجعوا السجون، يمشوا أي حتة ثانية حسب المؤهلات بتاعتهم. 

 

أصبح معروف بالنسبة ليكم أنه نميري أصبح يعتمد على جهاز الأمن لأنه ما عاد يثق في الجيش السوداني وسمعته عن الصواريخ اللي كانت منصوبة في قصر الشباب والأطفال والمنصوبة في بيوت في اللاماب بحر أبيض والمنصوبة في حتت جنب الحارة ٢١ أو غيره بحيث إنه أي حتة جاية منها مدرعات أو مصفحات في عملية انقلابية جهاز الأمن يقدر يعطلها بالصواريخ دي. وبيقال والعهدة على من رووا أنه عدد الصواريخ أكثر ثلاث مرات من عدد الدبابات في الجيش السوداني. فده بوريك مستوى الخوف والذعر، ما اطمأن لجهاز أمن الدولة، بدا يعمل جهاز أمنه الخاص اللي وصلت عدديته لي سبعة ألف وكان مسؤول عنه بهاء الدين محمد إدريس، اسم الدلع بهوية. أمره هين ناعم تعلم على الترف، في زنزانه واحدة من زنازين البحريات بكتب ليكم كل شي، في زنزانة واحدة من زنازين البحريات في صيف اليومين ديل. ولا تعذبوه ولا تضربوه ولا تنتهكوا حرمة أهله ولا غيره ولا تهبشوا أطفاله. 

 

الشعب وانتفاضته يجب بأن يتميزوا بالشهامة وبالكرم، كل المعتقلين بتاعين مايو ديل، ما يمسوا أطفالهم. نحن عشنا الظروف الصعبة ودي كانت أصعب من أي لحظات تمر على أي زول مختفي أو معتقل، انت تحس بأطفال واحد من المعتقلين ما قادرين ياكلوا، هدوم المدرسة بتاعتهم ما جات في المواعيد، كتبهم المدرسية ما جات في المواعيد، طلبوا منهم المصاريف ما ودوها، نرجوا من الدولة والمختصين أنه الناس المعتقلين هسه أطفالهم ما يمسوا، أسرهم ما تمس. أولا لأنه نحن أكرم، نحن كشعب أكرم ونحن أقوى ما بنلجأ لإهانة الإنسان عشان نهزموا أو عشان نكسره، لا، مواطن أخطأ لازم يعاقب، لأنه انت خمسة وأربعين ألف بتاعين الأمن، وكذا ألف اتحاد اشتراكي يعني حتعمل فيهم شنو؟ حتقرضهم؟ حتقتلهم؟ ما ممكن! 

 

هم من المجتمع وخلاياهه المختلفة، ما هم برضو بنتموا لأسر، بالأحقاد وبالجراح، لا، يعاقبوا في حدود جرائمهم وبالقانون. لأنه يجب... أنا بقول الكلام ده وشايف الصفقة ضعفت لأنه الناس مليانين بالأحقاد وهي أحقاد مشروعة، لكن يجب أن نفكر في المستقبل، يجب أن نفكر في المستقبل لأنه نضع قواعد سليمة لما يسمى بالديمقراطية، لما يسمي باستقلال القضاء، لما يسمى بحكم القانون، لأنه ده أساس النهضة، ده أساس الحضارة، ده أساس التقدم. وبقول الكلام ده لأنه حكم مدني ولا عسكري يحاول في البلد دي يمس الحقوق الأساسية والحريات الديمقراطية مصيره إلى زوال، بعد سنة بعد ستة بعد خمستاشر ما بتفرق، مصيره إلى زوال، ودي حقيقة موضوعية أصبحت من جغرافية السودان. يحد السودان شمالا بمصر وجنوبا بيوغندا والسودان أيضا ينهي أي حكم ديكتاتوري مدني أو عسكري. 

 

الحاجة الثانية يجب أن يفرد تحقيق خاص وبحث خاص عن جهاز الأمن الخاص اللي كونه نميري وأصبح تابع لرئيس الجمهورية، لأنه هذا الجهاز بربط في أمريكا وبربط في الأردن، وأصبح عنده المقدرة أنه وكالة المخابرات الأميركية وافقت أنه جهاز أمن رئيس الجمهورية مع التيم اللي جاي من هناك وكان عددهم ٢٥٠ أميركي على تأمين زيارة بوش. دي عملية ضخمة جدا، عملية أمنية ضخمة جدا بالنسبة للأمريكان حماية نائب رئيسهم. إذا كان بسمحوا لجهاز أمن رئيس الجمهورية أنه يشرف على هذه العملية معناها وصل مستوى عال جدا من الكفاءة ومستوى عال جدا من المقدرة. هذا الجهاز يجب أن نتعقبه ويجب أن نعرف كل كبيرة وصغيرة فيه، وكل صغيرة وكبيرة فيه موجودة عند بهاء الدين ويمكن أن يطلعها بالتي هي أحسن، ما بحتاج لي تعذيب ما بحتاج لي ضغط ولا غيره. 

 

الحاجة الثانية فيما يختص بالمسائل الخاصة بالحزب الشيوعي دي طويلة وبتهمنا ما نشغلكم بيها. لكن المخابرات الأميركية كان عندها هلع اسمه الحزب الشيوعي السوداني، يعني فاكرة بس نحنا نمد يدنا كده بنمسك السلطة. لكن هم كانوا، وهم ونميري بيلعبوا على بعض، يعني نميري كلما يواجه مشكلة يبتدي يقول ليهم في مؤامرة شيوعية ولازم ترسلوا قروش ولازم تدعموا و...و...إلى آخره. كلما هم عايزين مطار حربي ولا عايزين قاعدة يجو يقولوا ليه والله نحن بمعلوماتنا الخاصة تحصلنا إلى أنه الحزب الشيوعي أصبح عنده نشاط واسع جدا، داخل القوات المسلحة وداخل البوليس وداخل مش عارف شنو. ولازم تعمل حسابك ولازم تضرب الشيوعية، وأنه الناس ديل بنسقوا مع ناس اليمن الجنوبي ومع ناس اثيوبيا وكده، عملية شد وجذب مستمرة باستمرار. 

 

لكن نحن كنا مدركين أنه القصة هي قصة العداء للشيوعية قصة العداء للسوفييت قصة إنه الأمريكان عايزين يسيطروا على السودان، وقصة أنه نميري عايز يستهبل الأمريكان. عشان كده سبب بلا سبب يقول ليك أنا قضيت على أكبر حزب شيوعي في افريقيا، منه القال ليك، في حزب جنوب افريقيا ياخي قبلنا بعشرات السنين، في الحزب الإيراني والحزب السوري والحزب العراقي دي أحزاب من العشرينات جاية، نحنا ما أكبر حزب ولا أحسن حزب ولا أعرق حزب ولا حاجة. نحن حزب صغير قدر السودان، بس شفت السودان ده، بس ياهو قدره. عندنا ما عندنا يعني، يطردونا من نقابة، ما ننجح في الانتخابات. المهم بنشتغل سياسة في حدود السودان، ما عندنا قدرة حتى لو أردنا، ما عندنا قدرة عشان نشتغل سياسة بره أو نعمل نفوذ بره أو نبقى أداة لقوى دولية، ليه ياخ؟ شايف علينا شنو؟ شكلنا كده شكل جواسيس يعني، شكل عملاء. لكن دي هي العملية، عملية بتاعت خلق مناخ داخل أمريكا عشان ما يسمحوا بمساعدات عسكرية وسياسية لجعفر نميري لا أكثر ولا أقل. فنميري كان بحاول يرفع سعر العمالة بتاعته لأنه ضرب أكبر حزب شيوعي في افريقيا. وبعدين قال من أكبر إنجازاته أنه شنق أكبر زنديق في العالم الإسلامي، اللي هو محمود محمد طه. في زول بيتباهى بانجازات زي دي! بنعتقد أنه جا الوقت اللي نقول لأمريكا نحن عايزين علاقات طيبة معاكم، نحن ما عايزين السودان يصبح مركز للتآمر. العلاقات الثقافية والاقتصادية والتجارية كويسة لمصلحة الطرفين، لكن ما فضلكم ما تعملوا السودان مركز للتجسس، ما طالبين أكثر من كده منكم.

 

الحاجة الثانية، بالنسبة لينا برضو جهاز الأمن عمل بلاوي كثيرة، عمل مشاكل كثيرة، سبب لينا متاعب، خصوصا فيما يتعلق ببحثه عن المختفين، استطاع في حالات أن ينجح واستطاع في الأكثر أن يفشل. وبعتقد أنه الناس كتر خيرهم ساعدونا في أنه نستمر لغاية ما نجي نقابل الناس في تجمعهم ده، وده تجمع نحن بنحترمه وبنقدره لأنه فيه مختلف الاتجاهات، مختلف الأحزاب، مختلف وجهات النظر، جاية عشان تسمع وجهة نظر الشيوعيين. إذا هو المكافأة بتاعت اختفاءنا بتاع الخمستاشر سنة ما دايرين غيره. 

 

برضو استسمح الناس، الناس ديل حاولوا بشتى الطرق يفسدوا الناس، أفسدوا ناس في الأحزاب المختلفة وفي الاتجاهات المختلفة ونجحوا أيضا يفسدوا ناس في الحزب الشيوعي. الشيوعيين بشر زيهم زي الناس عندهم الضعف وعندهم الإيجابي وعندهم السلبي. ما في أي شيوعي يستطيع يقول أنا فوق البشر أو أنا ثوري أو أنا ماركسي معناها خلاص. لا، نحن بشر وحنظل بشر. فهم في كل الفترة دي ما استطاعوا أن يصطادوا عملاء من داخل الحزب غير الشخصيات الآتية، شخصيات كانت رجال أمن زي ما بقولوا، واحد اسمو عثمان الحسن من عطبرة، واحد اسمه إبراهيم حسن من ناس السكة حديد، واحد اسمه بخاري كان عامل في اتحاد العمال، واحد اسمو نيتو علي نيتو، واحد اسمه البشير شيخ الدين من أولاد الدرجة الثالثة مع احترامنا لأهله وشاب اسمه علاء الدين حاول بأساليب ملتوية يجي في الخرطوم بحري ويعمل مشاكل، شاب آخر اسمه عبد العظيم من الكليات التكنولوجية. الناس ديل نحن بنتركهم للتجربة إن شاء الله يتعملوا منها، ما حنأذيهم كنا عارفنهم من زمان قبل الانتفاضة وبعدها وهم موجودين. وعبرة عشان أي جهاز أمن ما يزرع بين السودانيين روح التجسس، روح الخبث، روح البلاغات، روح أذى الناس الآخرين. ده شي بيفسد مجتمع بأسره ويجب أن نحاربه، ومن الزاوية دي أنا بذكر هذه المعلومة للتاريخ. 

 

ما عايز أتعرض لأسماء أخرى، لكن فيما يتعلق بجهاز الأمن بنعتقد أنه لا بد من محاكمة الذين عذبوا والذين انتهكوا حقوق الناس وحرياتهم. الناس يدوهم استحقاقاتهم، العندو معاش يدوهو معاشه، العندو مكافأة ما بعد الخدمة يدوهو مكافأة ما بعد الخدمة. لكن يجب أن توقف الامتيازات، يجب أن توقف الامتيازات لأنها بتفسد. وإذا اتعمل جهاز أمن جديد وعمل نفس الامتيازات القديمة برضو حيفسد حتى تكون من ملائكة، حتى لو تكون من بشر كاملين. لأنه ما كل الناس ديل دخلوا جهاز الأمن فاسدين وأفسدوا. والنهار ده أصبحوا مشكلة اجتماعية بالنسبة للمجتمع السوداني. يجب أن تعالج مسائلهم بما يفيد تطور المجتمع السوداني لي قدام. الحاجة الثانية أنه نشر القوائم مهم. نحن ما قصدنا التشنيع أبدا لكن ما ممكن نحن نسلم أمن أرواحنا لأشباح غير معروفة، ما ممكن. 

 

ولا يمكن نسمح بأنه رئيس جهاز الأمن يكون شخص ما معروف، لازم نعرفه هو منه، أهله منو، قبيلتو شنو. يمكن زول ما عنده أخلاق يمكن زول ما عنده عرض، فما ممكن انت تمسكه أمن دولة كاملة أمن بلد كامل. لذلك البمسكوهو جهاز الأمن من هنا لي قدام يجب أن يخضع لنفس المواصفات بتاعت رئيس القضاء والنائب العام والمراجع العام، فحص كامل شامل. ولا نقبل أي تحفظات باسم أنه ده أمن البلد ودي سرية وكده. لا نحن السرية وأمن البلد ضقنا في عضمنا وضاقوه شهدائنا الراقدين دلوقت تحت التراب. لذلك يجب  بألا نسمح بأي ممارسات تؤدي إلى خلق جهاز أمن جديد يركب من فوق لي رقاب الناس من فوق.


كل دولة عندها قانون أمن، كل دولة عندها جهاز أمن، لكن الديمقراطية هي الضمان مش الأشخاص، الديمقراطية بمعنى الحقوق الأساسية والحريات الديمقراطية وحرمات السكن وحرية الرأي حقوق دستورية لا تمس والإنسان يستطيع يشتكي للقضاء عشان ما يستعيد حقوقه. أي جهاز أمن موجود في البلد بغير المواصفات دي مرفوض، وحنحاربه وحنقاومه وحنحرض المواطنين عشان ما يقاوموهو، ما في أمن، ما في أمن بلد فوق حريات الناس وفوق كرامتهم. ده دجل وأي كلام بأنه الثورة بتحمى بالمخابرات، لا الثورة بتحمى باقتناع الشعب، بتحمى باحترام كرامة المواطنين، وأي ثورات قامت في المنطقة العربية وفي المنطقة الافريقية اعتمدت على جهاز المخابرات وعلى جهاز الأمن انتهت وخير شاهد على كده مايو ذاتها والتجربة المصرية. عشان كده ما عايزين نكرر هذه التجارب، لا باسم الاشتراكية ولا باسم الشيوعية ولا باسم القومية العربية ولا باسم التحرر ولا باسم الاستقلال. حرية المواطن، كرامته يجب أن تكون فوق كل شي ويخضع ليها جهاز الأمن ويخضع ليها جهاز الدولة. 

 

حاجة ثانية أخيرة. في الوقت الحاضر نحن ما مستعدين المسألة بتاعت جهاز الأمن وتصفيته تمشي في الخفاء. يجب أن تنشر المعلومات، لانه ما في بيت ما مساه جهاز الأمن، ما في مواطن، حتى لو بعدت كل كله، بطلت السياسة، بطلت الكلام، بلحقوك، بلحقوك في محلك. يجب أن تنشر كل المعلومات. الحاجة الثانية، الممتلكات بتاعت جهاز الأمن ودي ممتلكات ضخمة جدا، عربات على أدوات اتصال على ملابس على بيوت على غيره حتمشي وين؟ لأنه في البلد جربنا، المؤسسات اللي أممت وصودرت الممتلكات اللي كانت فيها سرقت وراحت امتيازات للناس الي في الحكومة. بنفس المستوى ما لم تكون في رقابة واضحة وقوانين صارمة في هذا الجانب نفس الشي ممكن يحصل، إذا المسألة بقت سايبة ساكت. الحاجات الفي مخازن جهاز الأمن وممتلكاته يجب أن تحصر ويجب أن نعرف كل شي ماشي وين، كل عربية ماشة وين، ما نوزعها للناس ساكت. ده ماشي للبوليس، ده ماشي للوزارات ده ماشي للمصالح، ده نعطله لأنه ما عندنا بنزين وهكذا. ما نعمل كده حنعمل فساد من نوع جديد سوى أراد الناس أو لم يريدوا. أنا لا أتشكك في وطنية أحد أو في ذمة أحد، لا، لكن هذه المسألة يجب أن تتابع ويجب أن تنشر كل المعلومات وكل الحقائق عنها لمصلحة السودان. 

 

نحن ما عندنا قضية جهاز الأمن قاعد، جهاز الأمن.. أهو نحن بنشتغل، بقدر القدرة اللي عندنا بنشتغل، لكن البلد وحريتها وسيادتها بعد التجارب المريرة اللي نحنا مرينا بيها ونحن برضو تعلمنا من التجارب، اكتشفنا أخطاءنا، اكتشفنا قصورنا، اكتشفنا عدم معرفتنا الكاملة لكل ما يدور في المجتمع السوداني، تعلمنا بمساعدة الناس، بمساعدة التجربة المريرة، ومن موقع التعليم ده بنطلب أنه حريات المواطنين، كرامتهم، حقوقهم تحترم. أي جهاز أمن جديد يقوم مهما سمي، وطني ولا غير وطني يجب أن يخضع لرقابة شعبية صارمة جدا، بل ويجب أن تحكمه قوانين ولوائح صارمة جدا عشان ما تحصل التجاوزات لكرامة المواطنين وجهاز الأمن يصبح فوق القانون وفوق القضاء. 

 

الحاجة الثانية، في حاجة مهمة جدا ونحن داخلين على مسألة الانتفاضة أنه جهاز الأمن زرع في الناس في الخوف. كونه جهاز الأمن راح مش معناه سيكولوجية الخوف راحت، لسع في الرواسب، لكن الانتفاضة وكلكم عشتوها اللحظات اللي كانوا الناس بهتفوا فيها بصورة هستيرية، حقيقة بصورة هستيرية زي حلقة الزار! ما ده كان الدفع الذاتي عشان الانسان يتخلص من كل الدرن بتاع الخوف والتردد والسلبية ويستعيد انسانيته. الناس استعادوا انسانيتهم، لذلك يجب أننا ما نخاف. جو عساكر مسكوا الحكومة، مش عارف الحكاية الفلانية، أول حاجة ما نخاف. نحن البنخوف الحكام ونحن السقطنا الحكام ونحن الحنسقط الحكام إذا تعدوا على الديمقراطية. دي الحقيقة الأساسية في السودان، دي الحقيقة الأساسية اللي ما لازم نتراجع عنها. ما نخاف من حاكم، أعور نقول له أعور، أخطأ نقول له أخطأت، شال حقنا ننتزعه، عندنا حق ديمقراطي نمارسه وما نطلبه. ما في حاجة اسمها تسليم السلطة للشعب، لا، الشعوب بتستلم السلطة، يتغير هذا الشعار. يجب أن يتغير هذا الشعار. 

 

نحن ما بنقول ليهم انتو سرقتوا السلطة، ما بنقول للمجلس العسكري الانتقالي انت سرقت السلطة. لا، نحن بنقول في أطراف ثلاثة في البلد، المجلس العسكري الانتقالي، مجلس الوزراء، التجمع بشقينه وأحزاب ونقابات، مع بعض يكونوا هم السلطة الأساسية في البلد عشان ننتهي من مرحلة الانتقال عشان نمشي لي قدام بصورة أحسن. عشان المسألة ما تبقى سنة ويومين ولا سنة وشهرين وبالقطاعي، لا. نحن عايزين استقرار لمدى أطول، لأنه مشاكلنا أكبر، الفرحة بتاعت الانتصار ما تنسينا حجم المشاكل وحجمها مخيف وأنا ما محتاج أخش في التفاصيل المرتبطة بيها. 

 

لكن حريات الجماهير تمارسها الجماهير وتطالب بتقنينها. إذا كان في حرية صحافة، ودلوقت وصلنا لي حرية صحافة يجب يكون في قانون بنص بوضوح على حرية الصحافة، زي ما قال الأخ التجاني، وتلغى كل القوانين اللي كانت بتمنع حرية الصحافة. إذا كان في حرية نشاط الأحزاب يجب يكون في قانون بيقنن نشاط الأحزاب وتحذف كل القوانين البتحرم نشاط الأحزاب. ولا بكرة الحالة السياسية تضيق شوية نواجه نلقى نفسنا محاصرين بترسانة بتاعت قوانين ما حنعرف نتخلص منها بسهولة. انتفاضة الشعب السوداني انتفاضة عميقة وكبيرة وما في حزب سياسي واحد بقدر يستوعبها، كضاب، حزب سري ولا كان علني. ما ممكن لأنها انتفاضة شعب بأسره وانتفاضة عميقة ونحن مؤهلين كلنا مع بعض عشان ندرك عمقها وندرك اتساعها إذا طرحنا قضاياها الأساسية وبجهد مشترك بدينا نشتغل عشان ما نحلها وعشان ما نشوف ليها الحلول اللي بتمشي لي قدام. 

Wednesday, 22 February 2023

Abdel Fattah al-Burhan: Israel's man in Sudan

A shorter version of this piece was published by Middle East Eye here.

The Foreign Affairs Minister of the Zionist occupation state arrived in Khartoum on 2 February 2023 without much fanfare but with proud acknowledgement by the Sudanese authorities. This is Elli Cohen’s second visit to Khartoum, the first took place in January 2021 when he was serving as Israel’s Minister of Intelligence. At the time he was received by Sudan’s Minister of Defence Yasin Ibrahim. This time around his delegation included Ronen Levy, an intelligence cadre believed to be a critical behind the scenes operator of the Abraham Accords now freshly appointed director general of Israel’s Ministry of Foreign Affairs.

Sudan’s former Minister of Justice Nasr Al Din Abdulbari in Prime Minister Hamdok’s cabinet had signed the Abraham Accords in January 2021 with the United States Treasury Secretary as counterpart. The step was conceived as a condition for U.S. munificence in lifting Sudan’s name off its list of state-sponsors of terrorism and paving a loans-ridden route for Sudan’s reinclusion into the global financial system after decades long exclusion under former President Bashir. 

Israel’s first address however remains the country’s military ruler General Al Burhan, the officer whoreplaced former president Bashir following a palace coup in April 2019 that was the military establishment’s response to the revolutionary sequence of events that began with country wide popular demonstration in 2018/2019. Al Burhan first manifest step towards Tel Aviv was an initially unannounced meeting held in Uganda’s Entebbe with Israel’s Prime Minister Benjamin Netanyahu on 3 February 2020

In between Al Burhan had switched partners in another coup in October 2021 sending off the politicians of the Forces of Freedom and Change (FFC), the ad hoc alliance of anti-Bashir forces, into another cycle of opposition in favour of maintaining a coalition of armed actors intact. Al Burhan’s 2021 coup saw government in Sudan collapse into the country’s military formations. Military officers, militia leaders, security men, rebel commanders and bureaucrats of sorts shared power in an arrangement whose rules are written and rewritten in practice. 

Of special relevance is the challenging relationship between the two main armed formations in the country, the regular army under Al Burhan’s commands and the Rapid Support Forces (SAF), the private army of the once militia commander Mohamed Hamdan Dagalo. The two men Al Burhan and Dagalo are obliged to cooperate on the short term while their long term prospects are predicated on the subordination of the other.

Dagalo made himself a regional asset through his contribution to the Saudi-Emirati war campaign in Yemen. His private army is fighting rebels in the CAR on behalf of the government of president Touadéra in return for mineral rights and has recently redeployed along the Sudanese Chadian border as part of a scramble for gold in the lands between the three countries hand in glove with the Russian military firm Wagner. Dagalo publicly advocated that Sudan should move forward with a Bashir-era deal to install a Russian navy base on the Red Sea but did not have the means to see that proposal through despite his considerable influence in the western zones of Sudan and beyond. Sovereignty over the coastline remains a prerogative of the army leadership. 

Al Burhan, on the other hand is investing in the idea of upgrading the technical capabilities of the army through strengthening relations with traditional allies, primarily with the Egyptian army, the parent army as it were. The two militaries carry out regular war games, in May/June 2021 in Um Sayala northwest of Omdurman and in October 2021 and December 2022 on Egyptian training grounds. The two sides formalised their cooperation in a broad agreement signed in Khartoum on the occasion of a regular meeting of the Joint Egyptian-Sudanese Military Committee in March 2021. What the army needs are the arms to achieve critical superiority including the ability to monitor and secure the western hinterlands through airspace control, an objective that the RSF can now achieve with its light motorised units.

Sudan has been under a UN arms embargo since 2005 in relation to the war in Darfur, a barrier that Sudanese diplomats doggedly seek to revoke with the argument that the Juba Peace Agreement of October 2020 had ended the war in Darfur invalidating the rationale of the arms sanctions. Formally speaking the two main armed Darfuri armed movements once on the receiving end of the army’s gunfire are now Al Burhan’s allies in government, the Justice and Equality Movement (JEM) leader Jibreel Ibrahim is his Minister of Finance and the Sudan Liberation Movement (SLM) chief Mini Minawi the governor of Darfur.

The UN in Sudan operates politically through the United Nations Transition Assistance Mission in Sudan (UNITAMS) which together with the regional organisations the African Union (AU) and the Intergovernmental Authority on Development (IGAD) has been playing the role of mediator to restore the status que ante prior to Al Burhan’s October 2021 coup. These efforts recently crystallised into a ‘framework agreement’ signed in December 2022 between the military-militia-security bloc on one side and politicians of the FFC on the other.

The outlines of the proposed settlement include a commitment by the military to hand over executive power to a government chosen by the FFC and allies and abscond to a national security council chaired by the prospective prime minister. The Council of Ministers would however have the option of resorting to the military in matters of non-military nature as need be and as determined by a future law. Reform of the military and eventual integration of the RSF into the military would be carried out by the army leadership. In a way the agreement provides the military with an alibi to interfere in civilian affairs but keeps the door shut in the opposite direction. It is the military leadership which will ultimately decide whether, when and what to change in the military-militia-security cartel.

The former rebel movements, the JEM and the SLA, proved no less adept at politicking and managed to engineer a counter bloc of forces opposed to the framework agreement. Al Burhan and his officers could manoeuvre between the two in a way that Al Burhan even mediated between the politicians outside government who signed with him the framework agreement and the politicians inside government who declined, but unsurprisingly to no avail.

The UNITAMS and the regional brokers supported by Western diplomats in Khartoum shepherded the framework deal through a series of ‘workshops’ probably with the rationale of expanding its relatively narrow support base. In response, Al Burhan’s Egyptian allies organised a round of talks for opponents of the framework agreement in Cairo after a brief visit of Egypt’s security boss Abbas Kamel to Khartoum, probably with the outlook of granting the counter bloc greater visibility and political currency. Dagalo, the deputy head of state, who appeared to take the side of the FFC politicians, had his own separate go at mediation between the two blocs, probably in an attempt to tactically derail the pro-Al Burhan Egyptian machinations, but equally failed.

In Khartoum, Abbas Kamel reportedly asked Al Burhan to find ways to address Wagner’s use of Sudan as a base for operations in neighbouring countries, an objective that sets Al Burhan and his Egyptian allies directly at odds with Dagalo and his RSF, Wagner’s collaborating force in CAR and the border zone with Chad and Sudan. Al Burhan made a sudden trip to the Chadian capital Ndjamena probably to discuss the security situation on the increasingly militarised Chad-Sudan-CAR border zone. Dagalo followed separately on his tailprobably to counteract what his boss was devising. The army chief of staff went on an inspection tour of army units of the Western command in Darfur including in eastern Darfur which borders the CAR.

Elli Cohen arrived in Khartoum at this moment, as competition between Al Burhan and his deputy Dagalo was playing out around domestic alliances and counter-alliances and a regional tug of forces on Sudan’s western borders. Ahead of Cohen’s visit, Sudan’s spy chief Ibrahim Mufaddal concluded a brief trip to Washington for an audience with the US intelligence establishment. Cohen was received by Al Burhan, the Minister of Defence Yasin Ibrahim, the Sudanese army’s chief of staff Mohamed Osman Al Hussein and the spy chief Ibrahim Mufaddal, the military and security bosses who had just promised the UNITAMS and the politicians under its wing to surrender power. Remarkably, Dagalo declared he was kept in the dark about the Israeli visitors.

The declared outcome of Cohen’s visit was a pledge by the two sides to formalise their relations through a bilateral treaty which would include military, security and economic cooperation. Once back in Tel Aviv, Cohen stated that a treaty, now finalised, would be signed sometime during the year and as soon as a ‘civilian’ government was in place. Judging by circumstances it would have to be Al Burhan’s civilian government. If the FFC politicians and possibly Dagalo could draw on the patronage of the UN diplomats and Western ambassadors in Khartoum Al Burhan in a way demonstrated that he was an asset to a formidable security regime around the Washington-Tel Aviv-Cairo axis. The only credible dissenters in Khartoum were the young women and men demonstrating on the capital’s streets against this architecture of oppression.

THE PRICE OF LIFE: REVOLUTIONARY AGENCY AND POLITICAL IMPASSE IN POST-BASHIR SUDAN

A joint piece with Edward Thomas published by the Rift Valley Institute here

 


Wednesday, 30 November 2022

Sudan: neoliberal orthodoxy is no friend of democratisation

The revolutionary events of 2018/2019 in Sudan brought an end to the long rule of former president Bashir, in power since 1989. A coalition of political parties and professional associations under the title of the Forces of Freedom and Change (FFC) found itself at the helm of a broad, mostly urban, protest movement that drew its militant energy from two main streams, informal labour force and radical students or young graduates. Under the pressure of the protest movement former president Bashir’s generals decided to cast him away and assumed power in April 2019. The rule of the junta began with concessions towards the protest movement in the form of a negotiated power sharing arrangement with the FFC that ushered in a ‘transitional period’. What was supposed to be a three years and a half transition towards electoral democracy effectively came to an end in October 2021 when the generals organised a coup dislodging their FFC partners from government. 
The generals had crafted an alliance with former insurgents primarily from Sudan’s westernmost region Darfur that allowed them to reorder the political scene. The insurgents had come late to the revolutionary table through a financially hefty peace agreement with the transitional government signed in August 2020. With the 25 October 2021 coup the government of Sudan collapsed into the country’s armed formations. Army generals, security chiefs, militiamen and former rebels shared power and resources through an effective constitution of guns. The Maoist dictum “political power flows out of the barrel of a gun” ruled supreme. Standing between the assortment of men with guns and the realisation of hegemony are decentralised formations of protestors who continue a deadly struggle in what has become a routine of demonstrations and killings. 
The tenacity and heroism of the Sudanese protest movement has drawn admiration from many quarters. Rihanna tweeted in support of the Sudanese revolution and Western politicians readily shared in the iconography of protests. What the western donors were not ready to do though was to bail out one of Africa’s most troubled countries into democracy. The revolution could not pay for itself. Sudan’s first transitional finance minister, Ibrahim Elbadawi, put the price tag at 60 billion US dollars (Sudan’s foreign debts burden), a conservative estimate at best. “Sudan’s economy has fallen into a 60 billion US dollars deep pit”, he told the press in June 2020 (1). The prescriptions offered by Sudan’s creditors, the international financial system and the many well-wishers in the power centres of the Western world were a one size fits all rerun of dogmas reiterated in almost theological certainty: government austerity, privatisation of public goods, abolition of fuel and food subsidies, liberalisation of external trade and a floating currency exchange rate. Sudan’s transitional government bowed to all these imperatives. The quid pro quo was the very promise of democratisation down the road, but neoliberal reforms were a no starter for a liberal democracy. 
Judged by these axioms, the achievers were former president Bashir and his sequence of finance ministers. In the early 1990s Sudan’s rulers embarked on a grand reworking of the economy along neoliberal lines by choice to much acclaim from the International Monetary Fund (IMF) (2) despite Sudan’s ineligibility status as a consequence of debt arrears since January 1986 (3). “The Government of Sudan has adopted a radical and far-reaching program of economic reforms aimed at freeing up the economy, bringing down inflation, and creating a climate conducive to the revitalization of the private sector. This has included the dismantling of all controls on prices, investment and trade; the elimination of virtually all budgetary subsidies – implicit and explicit; the lifting of most restrictions on external transactions; the adoption of a unified floating exchange rate; and the launching of a wide-ranging program of privatization”(4)
The measures that Bashir’s regime managed to push through by authoritarian means are what his predecessor in office, Sadiq Al Mahdi, could not muster, shackled as he was by the imperatives of a parliamentary system. Sudan’s previous dictator Jaafar Nimayri had saddled the country with foreign debt estimated at 13 billion US dollars in late 1986 with 300 million US dollars in arrears on its debt to the IMF and 100 million in arrears to the Arab Monetary Fund. Total debt services were estimated at 930 million US dollars a year (5). The pit at the time was 13 billion US dollars deep to use Elbadawi’s allegory. The Sudanese had defeated Jaafar Nimayri’s dictatorship in the 1985 intifada, a similar show of civic resourcefulness and energy as the 2019 uprising and managed to complete a brief transition to a parliamentary system. Elections were held in 1986 and Sadiq Al Mahdi, chief of the Umma Party which commanded the largest parliamentary bloc, was named prime minister. Meanwhile, the war that had started in 1983 raged on in southern Sudan. John Garang, leader of the insurgent Sudan People’s Liberation Army (SPLA), shunned the transitional period overseen by the army generals of the ‘Transitional Military Council’ as a perpetuation of Nimayri’s regime in different uniform (6), not wholly without reason (7). 
Sadiq Al Mahdi’s government entered into protracted discussions with the IMF and the World Bank, all futile. No agreement was reached on debt rescheduling or the access of new loans. The IMF demanded the standard orthodoxies of devaluation of the currency and the removal of government subsidies on fuel, sugar, bread and other consumer commodities. When Sadiq Al Mahdi embarked hesitantly on some of these measures the result was a wave of strikes and riots, a situation compounded by the civil war in southern Sudan and the floods of 1988 (8). Sadiq Al Mahdi’s government did not last to implement its four years economic austerity plan announced in 1988. The Islamists under Bashir swept in in June 1989. The IMF declared Sudan uncooperative in September 1990 and its voting rights were eventually suspended in August 1993 (9). 
The IMF lifted its declaration of non-cooperation against Sudan in 1999 and restored the country’s voting rights in 2000. Sudan had commenced in 1997 paying its debts to the IMF at the beginning of Sudan’s oil decade and after an excellent record of austerity. “Sudan has established an encouraging track record of economic performance and payments to the IMF under the 1997 and 1998 staff-monitored programs and has laid a solid foundation for continued good performance under the 1999–2001 medium-term staff-monitored program,” stated the IMF Deputy Managing Director Shigemitsu Sugisaki warning further: “However, in view of the structural weaknesses in the Sudanese economy, it is critical that the authorities remain vigilant and keep the program on track, in terms of both macroeconomic and structural policies. Payments to the IMF and other creditors need to be made as committed by Sudan. This would allow the IMF to give consideration to further deescalation of the remedial measures and, eventually, to the possibility of a Rights Accumulation Program” (10). 
Sudan’s compliance with the IMF directives would be complicated by political imperatives. The stability of former president Bashir’s government during the oil decade depended on an unspoken social contract that involved like in Nimayri’s days or in neighbouring Egypt the maintenance of affordable bread and fuel prices (11). The government’s involvement in the fuel and wheat markets was designed as an insurance against political risks in the unwieldy cities. In Sudan’s peripheries war was the primary tool of governance. 
During these honeymoon years Khartoum was in a way capable of keeping the expanding cities (12) under control and maintaining an expensive patronage network thanks to stable rents from oil production of around 450,000 barrels per day (bps). GDP growth reached 10%, inflation dropped to around 8% and the country’s fiscal deficit to around 1.9%. Transfers from the central government to the states multiplied between 2004 and 2007 from a meagre 1.5% to 8% of GDP, approximately 47% of total government expenditure in 2008, reflecting the dividends of the 2005 Comprehensive Peace Agreement (CPA) between the government of Sudan and the SPLA that brought an end to Africa’s longest civil war. 
With each boom comes bust. The demands of Khartoum’s expensive peace agreements and the maintenance of the improving living standards of the urban middle classes eventually led a to a current account deficit of around 4.2 billion US dollars from 2004 to 2008 on the background of a total debt of 33.7 billion US dollars at the time. Sudan’s non-oil exports deteriorated as the currency appreciated and public expenditure multiplied. Sudan’s oil bonanza ended with the secession of South Sudan in 2011. The central government precipitously lost 75% of its foreign exchange earnings and 45% of general government finances. Inflation raced ahead to levels around 40% and the value of the currency was reduced within months by some 60%. 
Under instructions of the IMF, the government launched a renewed round of austerity measures, this time around it had to shoot its measures through as it were. Public expenditure was reduced significantly and subsidies for fuel, bread and sugar were slashed. The 2011, 2012 and 2013 budgets were crude austerity budgets with significant subsidy reductions and tax hikes (13). Militia fighters from distant Darfur were deployed to crush riots in Khartoum against bread price hikes in September 2013 by sniper fire (14). One item that proved a vexation for the government was the currency exchange rate. To halt inflation, the government reversed its policy of a floating exchange rate and adopted a fixed rate primarily for wheat and fuel imports. The difficult job of managing the clustering of interests involving major wheat and fuel importers resulted in three different government-enforced exchange rates for the US dollar in the run up to the 2018/2019 revolution: an official central bank rate for government transactions, an import customs rate, a fuel import rate and a commercial bank rate intended to attract the remittances of Sudanese abroad. Meanwhile a parallel market rate galloped ahead by a gaping margin. 
In a seminal report from December 2017 the IMF advised the abolition of fuel, electricity and wheat subsidies and the unification of the exchange rate and calculated that the removal of subsidies would result in the tripling of retail prices of fuel products, bread and electricity (15). The IMF predictions were right. The government’s attempt to lift bread subsidies initially in dusty Atbara was the immediate trigger for the uprising that brought Bashir’s rule to its end (16). The diagnoses of the collapse of Bashir’s regime are many and overlapping and involve a focus on the limits of autocracy and internal security rivalries (17), a standard ‘war on terror’ critique of political Islam (18), highlighting of the exhaustion of the transactional options open to the dictator (19) and the political imaginary of a new generation of political activists and agents (20). Bashir’s former foreign affairs minister, leading figure of the former ruling National Congress Party (NCP) and currently acting secretary general of the Islamic Movement, Ali Ahmed Karti, was asked recently about his diagnosis. He did not hesitate long and stated: the government’s decision in January 2018 to devaluate the currency and raise the ‘customs dollar’ (21), i.e. the government’s exchange rate for calculation of import duties, from 9 Sudanese pounds to the US dollar to 18 pounds to the US dollar, compared to a parallel US dollar exchange rate of 35 Sudanese pounds at the time. The immediate result was an abrupt increase in the prices of all imported commodities (22). Another currency devaluation followed in October 2018. 
When Bashir’s regime collapsed Sudan’s foreign debt stood at 56 billion US dollars. The country was running a pernicious negative balance of trade for a decade that peaked at -7.04 billion US dollars in 2011 at the time of the secession of South Sudan and settled at around 4 billion US dollars annually. Sudan’s import bill for the year 2018 amounted to 7.8 billion US dollars (0.75 billion for petroleum product and 0.6 billion for wheat and wheat flour) while its exports for the same year period valued 3.5 billion US dollars (around 25% gold, 20% livestock, 17% sesame) (23). The country was simply bankrupt. 
The transitional government between civilians and military men was established in 2019. The men with guns handed over responsibility of Sudan’s economic woes and the management of threatened livelihoods to the civilian cabinet. The cabinet’s hands were tied. It could neither draw on the commercial interests of the military nor was it in an immediate position to access international loans given Sudan’s unresolved pariah status in international financial institutions. What the cabinet could do however was to further accelerate the pace of austerity and duly abide by the IMF prescriptions in the hope of debt relief and a rescue package down the road.
In June 2020 the government requested a ‘Staff-Monitored Program’ with the IMF. In December 2019 the finance minister, Ibrahim Elbadawi, had announced a plan to gradually reduce fuel subsidies, a condition of debt relief. He said at the time the country needed 5 billion US dollars in budgetary support to avert economic collapse and launch economic reforms (24). In January 2020 he detailed a plan to cut subsidies over a period of 18 months and replace them with direct cash transfers (25). The IMF reiterated its orthodoxies, it instructed floating of the currency, phasing out of fuel subsidies, reduction of government expenditure efficient taxation and independence of the central bank from cabinet imperatives and expansion of a social security net based on cash transfers (26). 
Ibrahim Elbadawi’s macroeconomic stabilisation budget faced stiff resistance in home turf. Influential FFC partners threw out his fuel subsidy removal plans in the 2020 budget (27). He did not survive the political backlash and eventually handed in his resignation in July 2020. In his resignation statement he named the Staff-Monitored Programme negotiated with the IMF as one of his successes (28). Sudan was effectively without a working budget in the year 2020 and the economy continued to contract for the third year straight. In August 2020 the Sudanese government signed a set of peace deals with rebel groups including the Darfuri Justice and Equality Movement (JEM) led by Jibril Ibrahim and the Sudan Liberation Movement led by Mini Arko Minawi. A ‘Friends of Sudan’ conference in June 2020 pledged 2 billion US dollars in aid. The IMF approved in September 2020 a 12 months’ Staff-Monitored Programme with the aforementioned austerity measures as a condition for debt relief and the World Bank signed a 400 million US dollars budget to launch the promised cash-transfer scheme dubbed the ‘Sudan Family Support Programme’ (SFSP) (29). At the end of December 2020, the caretaker finance minister Hiba Mohamed declared the removal of all fuel subsidies with immediate effect (30). 
As part of the peace settlement signed in August 2020 the JEM leader, Jibril Ibrahim, assumed the finance portfolio in February 2021 in a new dispensation that reordered the transitional period as a triumvirate between the military-security-militia bloc, the former rebels and the civilian politicians of the FFC. He was not accountable to the FFC politicians and pushed forward the IMF agenda with greater zeal than his predecessor. Sudan’s central bank floated the currency in February 2021 (31) and eliminated the customs exchange rate in June 2021 (32). The consequence was an inflationary blitzkrieg on livelihoods. The annualised inflation rate rose to over 400%, three times as high as Lebanon’s and possibly ten times as Yemen’s. The SFSP, a proposed cash transfer regime of 5 US dollars per person per month, aimed at reaching 80% of the population, an estimated 32 million people, was launched in February 2021 but fell behind schedule. By mid-year only 160,000 households had received payments. The IMF said the Information Technology (IT) floor, staff deficits and inadequate delivery mechanisms were to blame (33). 
The prices of staple grains rose in leaps. By September 2021, sorghum sold in Gedaref, the main sorghum producing state, at more than double the 2 years average while wheat prices increased almost 3 times over compared to the previous year and more than 12 times the 5 years average (34). More people were going hungry as a result. 25% of housesholds were dependent for a quarter to half of their calories needs on food aid (35). As hunger spread the IMF finally declared its satisfaction with the pace of Sudan’s economic reforms. At the end of June 2021, the IMF and the World Bank determined that Sudan had taken the necessary steps to begin receiving debt relief under the enhanced Heavily Indebted Poor Countries (HIPC) Initiative (36). The so called ‘Decision Point’ was reached after the US provided bridge financing, a 1.15 billion US dollars loan, in March 2021 to clear Sudan’s arrears to the World Bank (37). As a condition for its assistance, the US shepherded Khartoum into a regional security architecture under Israeli aegis. Sudan signed the Abraham Accords in January 2021 in return for removal from the US list of state-sponsors of terrorism and the required bridge loan (38). 
In October 2021 the generals announced their coup. General Al Burhan, the coup leader, praised Prime Minister Hamdok and his ministers for achieving the difficult tasks of pushing through the economic reforms that had eluded even Bashir’s security men and brokering Sudan’s new relationship with creditors, donors and the international financial institutions. The reforms had condemned millions of people in the county to misery and importantly challenged the relationship between the civilian leaders of the transitional period and the source of their legitimacy, the protest movement that had elevate them to positions of power in the first place (39). The World Bank suspended in October 2021 all disbursements to Sudan including funding for the SFSP (40). Consequently, the government announced the suspension of the SFSP (41). The IMF said it would continue to monitor developments (42). In March 2022, the World Food Programme said the combined effects of economic crisis, conflict and poor harvests in addition to the war in Ukraine were exacerbating hunger in Sudan and predicted that more than 18 million people would be facing acute hunger by September 2022 (43), more than 40% of the population. Two children, aged seven and five years, were found dead from starvation in June 2022 on a neighbourhood street in Al-Fasher, a major town in northern Darfur (44). The family lived on meagre earnings of the mother who sold skull caps in the marketplace (45). The IMF continues to monitor developments. 

(1) Al Sudani. 24.06.2020: https://www.alsudaninews.com/ar/?p=77962.
(2) IMF [International Monetary Fund] 1997 Staff Country Report No. 97/17. Sudan – Recent Economic Developments. Washington DC.
(3) Boughton, James M. "Digging a Hole, Filling It In: Payments Arrears to the Fund." Silent Revolution. International Monetary Fund, 2001.
(4) Sudan Archive Durham 947/5/28, Statement by Prof. Abdalla Ahmed Abdalla, Ambassador of Sudan in Washington, D.C., to I.M.F. board on August 3, 1992, Embassy of the Republic of the Sudan, Washington D.C; cited in Thomas, Edward. "Patterns of growth and inequality in Sudan, 1977-2017." Durham Middle East Paper No. 94 (2017).
(5) Ottaway, Marina. "Post‐Numeiri Sudan: One year on." Third World Quarterly 9.3 (1987): 891-905.
(6) Scott, Philippa. "The Sudan Peoples' Liberation movement (SPLM) and liberation army (SPLA)." Review of Africa Political Economy 33 (1985): 69-82.
(7) Lesch, Ann Mosely. The Sudan: contested national identities. Vol. 134. Bloomington: Indiana University Press, 1998: 88-109.
(8) Khalifa, Babiker. "Sudan: Recent Developments." Africa Today (1989): 5-10.
(9) United States. General Accounting Office. International Monetary Fund: Observations on the IMF's Financial Operations: Report to Congressional Committees. U.S. General Accounting Office, 1999: 60.
(10) IMF. (1999). IMF lifts declaration of noncooperation from Sudan, IMF Survey, 0028(018), A010.
(11) Salevurakis, John William, and Sahar Mohamed Abdel-Haleim. "Bread subsidies in Egypt: Choosing social stability or fiscal responsibility." Review of Radical Political Economics 40.1 (2008): 35-49.
(12) Pantuliano, Sara, et al. "City limits: Urbanisation and vulnerability in Sudan-Khartoum case study." Overseas Development Institute; UK (2011).
(13) Sharfi, Mohammed Hussein. "The dynamics of the loss of oil revenues in the economy of North Sudan." Review of African Political Economy 41.140 (2014): 316-322.
(14) Tubiana, Jérôme. "The Man Who Terrorized Darfur Is Leading Sudan’s Supposed Transition." Foreign Policy 14 (2019).
(15) IMF. (2017). Sudan: Selected Issues, IMF Staff Country Reports, 2017(365), A001.
(16) El-Gizouli, Magdi. "The fall of al-Bashir: Mapping contestation forces in Sudan." Arab Reform Initiative (2019).
(17) Hassan, Mai, and Ahmed Kodouda. "Sudan's uprising: The fall of a dictator." Journal of Democracy 30.4 (2019): 89-103.
(18) Johnson, Darin EW. "Revolution, Peace, and Justice in Sudan." University of Pennsylvania Journal of International Law 43.1 (2021): 187.
(19) De Waal, Alex. "Sudan: a political marketplace framework analysis." Occasional Papers (19). World Peace Foundation, Somerville, MA. (2019).
(20) Elamin, Nisrin. "‘Beyond regime change’: Reflections on Sudan’s ongoing revolution." Africa and the Middle East: Beyond the Divides (2020): 19.
(21) Sudany TV. Interview with Ali Ahmed Karti. 25.10.20222: https://www.youtube.com/watch?v=nrmAD2bZ3I0
(22) Asharq Al Awsat. 15.01.2018: https://aawsat.com/home/article/1143351/السودان-يتمسك-برفع-سعر-الدولار-الجمركي-في-ميزانية-2018
(23) Central Bank of Sudan. Foreign Trade Statistical Digest 55.4 (2018).
(24) Reuters. 28.12.2019: https://www.reuters.com/article/us-sudan-economy-fuel-idINKBN1YW0GB
(25) Asharq Al Awsat 29.01.2020: https://english.aawsat.com//home/article/2105321/sudan-tackle-fuel-subsidies-economy-hangs-edge
(26) IMF. (2020). Sudan: Staff Report for the 2019 Article IV Consultation. IMF Country Report No. 20/72, 2020. Washington DC.
(27) Reuters. 28.12.2019: https://www.reuters.com/article/sudan-economy-fuel-idAFL8N2920E0
(28) Al Sudani. 19.07.2020: https://www.alsudaninews.com/ar/?p=81633
(29) IMF. (2021). Sudan: First Review Under the Staff-Monitored Programme, March 2021. Washington DC.
(30) Asharq Al Awsat. 22.12.2020: https://aawsat.com/home/article/2696381/السودان-يرفع-الدعم-كلياً-عن-الوقود.
(31) Reuters. 21.02.2021: https://www.reuters.com/article/us-sudan-economy-idUSKBN2AL06P
(32) Reuters. 22.06.2021: https://www.reuters.com/business/sudan-eliminates-customs-exchange-rate-finance-ministry-2021-06-22/
(33) IMF. (2021). Sudan: Second Review Under the Staff-Monitored Programme and Request for Extension, June 2021. Washington DC.
(34) FEWS NET [Famine Early Warning Systems Network]. (2021). Sudan Price Bulletin, October 2021.
(35) FEWS NET. (2021). Sudan Food Security Outlook October 2021 to May 2022.
(36) IMF. 29.06.2021. Press Release No. 21/199. Sudan to Receive Debt Relief Under the HIPC Initiative. (37) World Bank. 26.03.2021. Press Release. Sudan Clears Arrears, Gains Access to $2 Billion in New World Bank Financing.
(38) El-Gizouli, Magdi. "Sudan’s Normalization with Israel: In Whose Interests?." Arab Reform Initiative (2021).
(39) Thomas, Edward, and El-Gizouli, Magdi. "Creatures of the Deposed: Connecting Sudan’s Urban and Rural Struggles." African Arguments. 11.11.2021.
(40) World Bank. 27.10.2021. Statement. World Bank Group Paused All Disbursements to Sudan on Monday.
(41) Thamarat. News. 16.11.2021. Clarification statement on the temporary cessation of payments and registrations. https://sfsp.gov.sd/sudan-family-support-programme-thamarat/
(42) Asharq Al Awsat. 27.10.2021: https://english.aawsat.com/home/article/3269206/imf-says-its-monitoring-developments-sudan
(43) WFP [World Food Programme]. News Release 23.03.2022. Worsening food crisis looming in Sudan amid economic downturn, displacement, and ruined crops
(44) ReliefWeb. News and Press Release. 08.06.2022. Deaths of two children signals looming hunger crisis over Sudan. https://reliefweb.int/report/sudan/deaths-two-children-signals-looming-hunger-crisis-over-sudan
(45) Darfur 24. 09.06.2022: https://www.darfur24.com/2022/06/09/43473/
 
Creative Commons Licence
This work by Magdi El Gizouli is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.