Friday, 29 March 2024

فن الحرب


فن الحرب

صن تزو

تعريب مجدي الجزولي

صن تزو جنرال صيني عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، وخدم في دولة وو في الفترة ٧٧٠ إلى ٤٧٦ قبل الميلاد. ويعتبر «فن الحرب» أقدم وثيقة بشرية في هذا الباب ويعرفه الضباط ضمن منهج تعليمهم في الكلية الحربية. يعالج فن الحرب قضايا التكتيك والحركة الحربية. وترك الكتاب أثرا عميقا على فكر ماو زيدونغ والشيوعيين الصينيين في حربهم لتحرير الصين في القرن العشرين.      

الباب الأول

التخطيط

.  قال صن تزو: فن الحرب ذو أهمية حيوية للدولة. 

.  وهو أمر موت أو حياة، طريق إلى السلامة أو إلى الدمار. ولذا فهو مسألة للبحث لا يمكن إهمالها. 

.  تحكم فن الحرب خمسة عناصر ثابته، لا بد من الاعتبار فيها عند كل تخطيط وذلك لتحديد الظروف في الميدان.

.  هذه العناصر هي: (١) القانون الأخلاقي؛ (٢) السماء؛ (٣) الأرض؛ (٤) القائد؛ (٥) المنهج والانضباط. 

.  القانون الأخلاقي يوجب على الناس الائتلاف التام والحاكم، يطيعون أوامره بغض النظر عن حياتهم، لا يفزعهم أي خطر. 

.   

.  السماء دلالة الليل والنهار، البرد والحر، الأزمان والمواسم.

.  الأرض تشمل المسافات، قريبها وبعيدها؛ الخطر والأمن؛ السهل المنبسط والمضايق؛ فرص الحياة والموت.  

.  القائد يمثل فضائل الحكمة، والإخلاص، والرحمة، والشجاعة، والحزم. 

10.              يقصد بالمنهج والانضباط حشد الجيش في تقسيمات مناسبة، تقويم الرتب بين الضباط، إصلاح الشوارع التي تصل عبرها المؤن إلى الجيش، وضبط الصرف العسكري. 

11.              يجب على كل قائد أن يلم بهذه العناصر الخمسة، من يدركها سيحقق النصر، ومن يهملها سيهزم. 

12.              لذا، عليك في كل تدبيرك لتقصي الشؤون العسكرية أن تجعل من هذه العناصر مناط مقارنتك كما يلي: 

13.               

(١) أي المليكين ممسك بالقانون الأخلاقي؟

           (٢) أي الجنرالين الأعظم مهارة؟

(٣) مع أيهما تكمن ميزات السماء الأرض؟ 

(٤) أي الجانبين أقدر على فرض الانضباط؟ 

(٥) أي الجيشين أقوى؟

(٦) في أي الجانبين الضباط والجنود أمهر تدريبا؟

(٧) أي الجيشين أقدر على بسط الاتساق في الثواب والعقاب؟ 

14.              يمكنني على أساس هذه الاعتبارات السبعة أن أتنبأ بالنصر أو الهزيمة.

15.               

16.               

17.              يجب تعديل الخطط بحسب ما تستدعي الظروف. 

18.              الحرب خدعة. 

19.              لذا، عليك أن تبدو غير قادر على الهجوم متى ما كنت على استعداد للهجوم؛ وعليك أن تبدو خاملا متي ما كنت تحرك قواتك؛ وأن تبدو لعدوك بعيدا متى اقتربت وأن تبدو لعدوك قريبا متى ما كنت بعيدا. 

20.              قدم لعدوك طعما تغريه به، وتكلّف الارتباك ثم أفتك به. 

21.              تهيأ للعدو وقتما أمن استحكاماته، وتفاداه متى تفوق عليك. 

22.              إذا كان عدوك حاد المزاج اعمل على إثارته، وتظاهر بالضعف لتحث غروره. 

23.              لا تترك لعدوك فسحة وقتما ارتاح، وفرق بين قواته إذا كانت موحدة. 

24.              هاجم عدوك حيثما ضعف استعداده، واظهر له حيث لا يتوقعك. 

25.              لا يجوز الكشف عن هذه الوسائل العسكرية قبل ميقاتها. 

26.              يحسب الجنرال الذي يفوز بالحرب حسابات دقيقة عديدة قبل انطلاق القتال، ويزهد الجنرال الذي يخسر الحرب في الحسابات المسبقة. إذن، حسابات كثيرة تقود إلى النصر وقليلة تقود إلى الهزيمة، دع عنك انعدام الحسابات بالمرة. يمكنني أن أتنبأ بمن سينتصر في الغالب بناءً على هذه النقطة بالتحديد. 

 

الباب الثاني

شن الحرب

.  قال صن تزو: 

تبلغ تكلفة العمليات الحربية لجيش قوامه ألف مركبة ثقيلة وألف خفيفة ومئة ألف مقاتل مدرع بما يكفيهم من مؤن وتجهيزات لعبور ألف لي [اللي وحدة قياس صينية للمسافة، تبلغ نحو ٥٠٠ متر] ثم تكلفة معاش الوطن وتكاليف جبهة القتال بما في ذلك رعاية الضيوف، والأمور الأقل مثل الصمغ والدهان، ومصاريف المركبات والدروع، تبلغ حوالي ألف أوقية من الفضة في اليوم. هذه إذن تكلفة جيش عداده مئة ألف رجل.

.  إذا انخرطت في قتال فعلي وطال انتظار النصر ستلثم أسلحة الجنود وتبرد حماستهم. وإن حاصرت مدينة تُهدر قواك. 

.  مرة أخرى، إذا طالت الحملة لن تستطيع موارد الدولة مجابهة المشاق. 

.  والآن، إن ثلم سلاحك وقل حماسك وخارت قواك سيطمع زعماء آخرون فيك ويستغلون مصاعبك. ولن يستطيع أي من كان، مهما بلغت حكمته، تفادي العواقب التي لا بد منها. 

.  عليه، سمعنا بطبيعة الحال عن الاستعجال الأخرق في الحرب، لكن لم ترتبط إطالة الحرب بالحذق أبدا. 

.  لم يحدث أن استفادت أي بلد من تطاول الحرب. 

.  يعرف فقط من خبر شرور الحرب بحق الوسائل المجزية للاستمرار فيها. 

.  لا يفرض الجندي الماهر جباية مضاعفة، ولا يحمل عربات مؤنه أكثر من مرتين. 

.  خذ معك مواد الحرب من الوطن لكن انهب ما عند العدو. وبذلك يؤمن الجيش طعاما يكفيه. 

10.              يجبر فقر مالية الدولة الجيش على الاعتماد على مدفوعات من بعيد، والمدفوعات من بعيد تُفقِر الناس. 

11.              من جهة أخرى، يزيد قرب الجيش من ارتفاع الأسعار وارتفاع الأسعار يستنزف ثروة الناس.

12.              ستقع على الفلاحين باستنزاف الثروة مكاره شتى. 

13.               

14.              ستخرب بيوت الناس باستنزاف الثروة وإهدار القوة وسيتبدد ثلاثة أعشار دخلهم، هذا بينما تبلغ تكاليف المركبات المحطمة والخيل المجهدة والدروع والخوذات والسهام والأقواس والحراب وثيران الجرب والعربات الثقيلة حوالي أربعة أعشار المداخيل. 

15.              لذا، يعمل القائد الحكيم على نهب العدو، فحمولة واحدة من مؤن العدو تساوي عشرين حمولة مما عندك وكذلك يساوي بيكل [وحدة وزن صينية تساوي ما يستطيع المرء حمله على جانبي عصا على كتفه] واحد من العلف من العدو عشرين في مخازنك. 

16.              لا بد من إثارة غضب رجالنا لقتل العدو، لا بد أن يروا ميزة ترجى من هزيمة العدو وينالوا مكافآت. 

17.              عليه، إن فزت في معركة راكبة بعشرين مركبة من العدو كافئ أول الفائزين. استبدل أعلام العدو بأعلامنا، وضم هذه المركبات إلى مركباتنا في القتال. عليك بإحسان معاملة الجنود الأسرى ورعايتهم. 

18.              وهذا هو استعمال الخصم المهزوم لتعزيز قواك. 

19.              اجعل النصر في الحرب أكبر همك وليس استطالة الحملة. 

20.              وللعلم، قائد الجيوش هو الحكم على مصير الناس، وعليه يعتمد إن كان سيتحقق لأمة السلام أو ستقع في التهلكة. 

 

الباب الثالث

الهجوم بخطة

قال صن تزو: 

.  أعظم انجاز في فن الحرب العملي هو الاستيلاء على بلاد الخصم كاملة سالمة، أما التحطيم والتدمير فليس أمرا جيدا. كذلك من الأفضل الاستيلاء على جيش بكامله بدلا عن تحطيمه، الاستيلاء على لواء أو فرقة أو كتيبة بكاملها لا تدميرها. 

.  عليه، ليس أقصى التميز في خوض المعارك والفوز بكلها، بل في كسر مقاومة العدو بدون معركة. 

.  إذن، أعلى درجات القيادة هي إحباط خطط العدو، والأقل درجة منع التحام قوى العدو، ودون ذلك درجة الهجوم على قوى العدو في الميدان، وأسوأ الخطط على الإطلاق حصار المدن المسورة. 

.  القاعدة إذن هي عدم محاصرة المدن المسورة إذا تيسر تفادي ذلك. سيتطلب تجهيز الدروع والحصون المتحركة وكل أنواع عدة الحرب ثلاثة أشهر بحالها، وسيتطلب بناء الاستحكامات على الأسوار ثلاثة أشهر أخرى. 

.  سيدفع القائد الذي لم يعد يستطع السيطرة على توتره بجنوده مهاجمين كنمل غاص، والنتيجة مقتل ثلث الجنود بينما تظل المدينة عصية. هذه هي النتائج الكارثية لحصار المدن. 

.  عليه، يقهر القائد الحاذق العدو دون قتال، يستولى على مدن العدو دون محاصرتها، يطيح بملكهم دون عمليات متطاولة في الميدان. 

.  يتمكن إذن من منازعة السلطان ويحقق النصر الكامل دون أن يفقد رجلا واحدا. هكذا طريقة الهجوم بخطة. 

.  قاعدة الحرب كما يلي. نحاصر العدو إن كان رجالنا عشرة أضعاف رجال العدو، وأن كانوا ضعف عدد العدو نقسم جيشنا إلى إثنين. 

.  نخوض المعركة إذا تساوى عددنا والعدو، ونتفادى العدو إن كنا أقل عددا بقليل، ونهرب مبتعدين إن كنا غير متساوين في كل منحى. 

10.              عليه، وإن استطاع عدد أقل خوض معركة عنيدة ضد عدد أكبر، سيستولى الأكثر عددا على الأقل في نهاية الأمر. 

11.              القائد هو استحكام الدولة، تقوى الدولة إذا كان الاستحكام منيعا في كل جهاته وتضعف إن كان معيبا. 

12.              هنالك ثلاثة طرق يجلب بها الحاكم الكارثة على جيشه: 

13.              (١) أن يأمر الجيش بالتقدم أو التراجع وهو جاهل بعجز الحيش عن إطاعة أوامره. هذه هرجلة بالجيش. 

14.              (٢) أن يحاول إدارة الجيش بذات الطريقة التي تدار بها المملكة وهو جاهل بالظروف المحيطة بالجيش، هذا يسبب اضطرابا في عقول الجنود. 

 

15.              (٣) أن يوظف ضباط جيشه بدون تمحيص وهو جاهل بالمبدأ العسكري القائل بالتلاؤم مع الظروف. هذا يزعزع ثقة الجنود. 

16.              تقع البلوى من الأمراء الآخرين إذا اضطرب الجيش وتزعزعت ثقته. هذا يجلب الفوضى إلى الجيش ويطيح بفرص النصر. 

17.              عليه، فلتعلم أن هنالك خمسة لوازم للنصر: 

()        ينتصر من يدرك متى يقاتل ومتى يمسك عن القتال. 

()        ينتصر من يدرك كيف يتعامل مع قوى أعظم وقوى أقل منه. 

()        ينتصر من تستحث عقيدة واحدة كل جيشه بجميع رتبه. 

()        ينتصر من يستعد جيدا وينتظر أن يأخذ العدو على حين غرة. 

()        ينتصر من يملك كفاءة عسكرية ولا يتدخل صاحب الملك في شؤونه. 

18.              وصدق لذلك القائل: لا تخشى نتيجة مئة معركة إذا كنت تعرف العدو وتعرف نفسك. ستلحق به الهزيمة في مقابل كل نصر تحرزه إذا كنت تعرف نفسك لكن لا تعرف العدو. ستهلك في كل معركة إذا كنت لا تعرف العدو ولا تعرف نفسك. 

 

الباب الرابع

التدابير التكتيكية

.  قال صن تزو: 

يضع المقاتل الحذق من السمت القديم نفسه خارج دائرة الهزيمة، ثم ينتظر الفرصة المواتية لدحر العدو. 

.  بيدنا تحصين أنفسنا من الهزيمة لكن العدو هو من يوفر لنا فرصة دحره. 

.  يستطيع المقاتل الحذق تحصين نفسه ضد الهزيمة، لكن لا يستطيع ضمان الانتصار على العدو. 

.  لذا صدق القائل: قد يعرف المرء كيف يظفر دون أن يستطيع تحقيق الظفر. 

.  يتضمن التحصين ضد الهزيمة إجراءات دفاعية، وتتطلب هزيمة العدو التحول إلى الهجوم. 

.  ينبئ الوقوف عند الدفاع عن قوة غير كافية، وينبئ الهجوم عن قوة فائضة. 

.  يختبئ القائد المحسن لتكتيكات الدفاع في أكثر مجاهل الأرض سرية؛ ويشرف القائد المحسن لتكتيكات الهجوم من أقصى أعالي السماء. لدينا إذن من جهة القدرة على حماية أنفسنا ومن جهة أخرى نصر كامل. 

.  ليس هنالك ميزة تذكر أن ترى النصر فقط عندما يدركه العامة. 

.  وليس هنالك ميزة أيضا أن تقاتل وتظفر وتقول كل المملكة "عفارم"! 

10.              ليس من علامات القوة أن ترفع جناح ذبابة [في المثل الصيني صوف أرنب وحشي، ولا نبلغ معناها في هذا التعبير]، وليس من علامات حدة البصر أن ترى الشمس والقمر، وليس من علامات قوة السمع أن تسمع صوت الرعد. 

11.              المقاتل الحذق عند القدماء ليس من يظفر فقط، لكن من يتميز بالظفر بيسر. 

12.              وعليه، لا تجلب له انتصاراته صيتا بالحكمة أو فضلا بالشجاعة. 

13.              يظفر المقاتل الحذق في المعارك بتفادي الأخطاء، وعدم ارتكاب الأخطاء هو ما يؤمن النصر، فذلك يعني قهر عدو قد تحققت هزيمته. 

14.              يضع المقاتل الحذق نفسه في موضع تستحيل معه هزيمته، ولا يفوت فرصة هزيمة العدو. 

15.              وعليه، لا يسعى المخطط الظافر القتال إلا بعد أن يفوز بالنصر، بينما يخوض من كُتِبت عليه الهزيمة القتال أولا ثم يبحث عن النصر. 

16.              يراعي القائد المكتمل القانون الأخلاقي، ويلتزم بصرامة الوسائل والانضباط؛ ويتمكن بذلك من أسباب النجاح. 

17.              تتضمن الوسائل العسكرية: أولا، القياسات؛ وثانيا التقديرات الكمية؛ وثالثا، الحسابات؛ ورابعا، موازنة الفرص؛ وخامسا، النصر. 

18.              القياسات موضوعها الأرض؛ والتقديرات الكمية تقوم على القياسات؛ والحسابات تقوم على التقديرات الكمية؛ وموازنة الفرص تقوم على الحسابات؛ ويقوم النصر على موازنة الفرص. 

19.              الجيش الظافر في مقابل الجيش المدحور كمثقال رطل في الميزان في مقابل مثقال ذرة. 

20.              دفق القوة القاهرة كهدير ماء مكبوح في هاوية غائرة. 

 

الباب الخامس

البأس

.  قال صن تزو: السيطرة على قوة كبيرة كمثل السيطرة على قوة قليلة: المسألة تجزئة عدد القوة. 

.  لا يختلف القتال بجيش عظيم تحت إمرتك عن القتال بجيش قليل: المسألة ضبط الإشارات والعلامات. 

.  لا مناص من المناورات، مباشرة وغير مباشرة، لتأمين امتصاص ضربات العدو وعدم الانكسار. 

.  لا مناص من علم نقاط الضعف ونقاط القوة لضمان بطش لجيشك كبطش ميقعة انهالت على بيضة. 

.  يمكن اتباع الوسائل المباشرة في الاشتباك لكن لا مناص من الأساليب غير المباشرة لتأمين النصر. 

.  لا تنضب التكتيكات غير المباشرة متى طٌبقت بفعالية أبدا، مثلها كمثل السماء والأرض، كجريان الأنهار والوديان، كالشمس والقمر، لا تنتهي حتى تبدأ مجددا كأنها الفصول الأربعة تمر لتعود. 

.  هنالك خمس نغمات موسيقية فقط، لكن تثمر تراكيب هذه الخمس ألحانا أكثر مما يحيط به السمع.  

.  هنالك خمسة ألوان رئيسة فقط (الأزرق والأصفر والأحمر والأبيض والأسود) لكن تثمر تراكيبها درجات أكثر مما يحيط به البصر. 

.  هنالك خمسة أصناف رئيسة من المذاق (الحامض والخاثر والمالح والسكر والمر) لكن تثمر تراكيبها نكهات أكثر مما يحيط به الذوق. 

10.              ليس هنالك أكثر من وسيلتين للهجوم المباشر وغير المباشر: لكن مزاوجة هتين الوسيلتين يثمر سلسلة لا نهائية من المناورات. 

11.              تؤدي الوسيلة المباشرة وغير المباشر كل إلى الأخرى، كأنها حركة دائرية لا تبلغ نهايتها. فمن يستطيع أن يستنفذ إمكانات مزاوجتهما؟ 

12.              غارة الجنود كمثل انهمار السيل يدحرج حتى الصخور في سكته. 

13.              القرار العسكري الجيد كمثل انقضاض النسر حسن التوقيت يسمح له بإصابة وتدمير ضحيته. 

14.              عليه المقاتل الحاذق هائل الغارة خاطف القرار. 

15.              البأس العسكري كمثل شد القوس والقرار كمثل إطلاق الزناد. 

16.              يبدو في خضم المعارك وتقلبها أن ثمة فوضى لكن لا فوضى في الواقع؛ قد يبدو صفك في غمار الاضطراب فاقد للانتظام، لا رأس له ولا ذيل، لكنه يمثل الضمان ضد الهزيمة. 

17.              التظاهر بالاضطراب ينبئ عن الانضباط التام؛ والتظاهر بالفزع ينبئ عن الشجاعة؛ والتظاهر بالضعف ينبئ عن القوة. 

18.              إخفاء الانتظام تحت لباس الفوضى هو ببساطة مسألة تجزئة؛ يتطلب إخفاء الشجاعة تحت مظهر الوداعة مخزونا من الشدة الساكنة؛ ويمكن عبر تدابير تكتيكية تلبيس القوة مظهر الضعف. 

19.              عليه، يخادع من يحسن إلهاء العدو بالحركة الدائبة مما يدفع العدو إلى التصرف. يضحي بأمر ما يقدمه فريسة للعدو. 

20.              يقدم للعدو طعما فيظل يتقدم ثم يدفع بنخبة مختارة من المقاتلين ترابط في انتظار العدو. 

21.              ينظر المقاتل الذكي إلى فعالية بأس المجموع، ولا يطلب الكثير من الأفراد، وهذا مناط قدرته اختيار الرجال المناسبين واستغلال قواهم المؤتلفة.  

22.              يتحول الجنود عند الاستغلال السليم لقواهم المؤتلفة إلى كتلة صخور أو جذوع متدحرجة. ومن طبع الصخر أو الجذع أن يظل ساكنا على سطح متساو وأن يتحرك على منحدر، أن يتوقف إذا كان له أربعة زوايا وأن يتدحرج إذا كان مستديرا. 

23.              وعليه مثل بأس المقاتلين الجيدين كمثل قوة دفع الحجارة المستديرة وقد انطلقت من أعلى جبل طوله ألف قدم. هذا ما يخص مسألة البأس. 

 

الباب السادس

نقاط الضعف والقوة

 

.  قال صن تزو: الذي يبلغ الميدان أولا في انتظار العدو هو الأحسن استعدادا، والذي يبلغ الميدان ثانيا على عجل سيكون منهكا.

.  عليه، يفرض المقاتل الحاذق إرادته على العدو، لكن لا يمكّن العدو من فرض إرادته عليه. 

.  يقدم المقاتل الذكي للعدو طعما فيتقدم بمحض إرادته أو يدمر بعض قدراته فيستحيل على العدو الاقتراب. 

.  يتحرش المقاتل الحاذق بالعدو إذا استرخى؛ ويقطع عنه المؤن فيجوع إذا كان كثير المؤن؛ ويجبره على التحرك إذا عسكر وتحصن. 

.  على المقاتل الحاذق أن يظهر في نقاط تجبر العدو على الاستعجال لتأمينها؛ وأن يسرع بالسير إلى مواضع غير متوقعة. 

.  يمكن للجيش أن يسير مسافات طويلة دون شقاء إذا سار عبر بلاد خالية من العدو. 

.  يمكنك أن تتأكد من النصر فقط إذا هاجمت مواقع غير محصنة. ويمكنك أن تتأكد من سلامة دفاعاتك فقط إذا سيطرت على مواقع لا يكمن مهاجمتها. 

.  القائد الحاذق في الهجوم هو الذي لا يدري عدوه عن ماذا يدافع، والقائد الحاذق في الدفاع هو الذي لا يدري عدوه ماذا يهاجم. 

.  يا لفن السرية والفطنة الفاتن! نتعلم بك الاختفاء والسكون، فلا نُرى ولا نُسمع؛ وبذلك نمسك بمصير العدو في قبضتنا. 

10.              يمكنك التقدم وتستحيل مقاومتك إذا استهدفت نقاط ضعف العدو؛ ويمكنك الانسحاب آمنا من التعقب إذا كانت تحركاتك أسرع من تحركات العدو. 

11.              يمكنك أن تفرض على العدو المواجهة إذا كان طلبك القتال ولو كان محصنا خلف ترس عظيم أو خندق عميق. وما عليك سوى أن تهاجم موقع آخر يلزم عليه نجدته. 

12.              يمكنك منع العدو من الالتحام إذا لم يكن طلبك القتال، حتى لو كانت خطوط تحصينك فقط علامات على الأرض. كل ما عليك فعله هو أن ترمي في طريق العدو أمر غير محسوب وشاذ. 

13.              يمكننا بكشف ترتيبات العدو والبقاء مختفين أن نحافظ على تركيز قواتنا وتقسيم قوات العدو. 

14.              يمكننا بذلك أن نكون جسما واحدا موحدا ونفرض على العدو التوزيع إلى وحدات. بذلك نكون كتلة واحدة في مقابل أجزاء متفرقة من واحد، ونتفوق عددا على قليل العدو. 

15.              وإذا تمكنا بهذه الصورة أن نهاجم بقوة متفوقة على قوة متواضعة يصبح العدو في كبد. 

16.              لا يجوز كشف الموقع الذي نعتزم القتال فيه؛ وبذلك يُجبر العدو على الاستعداد لهجوم محتمل في مواقع عديدة مختلفة؛ وتتوزع بذلك قواه في اتجاهات مختلفة وتتناقص بالتناسب الأعداد التي علينا مواجهتها في أي موقع. 

17.              فإذا عزز العدو مقدمته ضعفت مؤخرته؛ وإذا عزز مؤخرته ضعفت مقدمته؛ وإذا عزز جناحه اليسار ضعف جناحه اليمين؛ وإذا عزز جناحه اليمين ضعف جناحه اليسار. وإذا أرسل التعزيزات في كل اتجاه ضعف في كل مكان. 

18.              ينجم الضعف العددي عن ضرورة الاستعداد لهجمات محتملة، عن إجبار الخصم على الاستعداد لصد هجماتنا. 

19.              يمكن بمعرفتنا مكان وزمان المعركة القادمة أن نركز من مسافات بعيدة لخوض القتال. 

20.              إذا لم نعرف المكان والزمان يصبح اليسار عاجزا عن غوث اليمين، واليمين كذلك عاجزا عن غوث اليسار، والمقدمة عاجزة عن نجدة المؤخرة، والمؤخرة كذلك عاجزة عن تعضيد المقدمة. وهكذا دواليك إذا كانت أقصي مواقع الجيش على أي مسافة أقل من مئة لي [لي: وحدة قياس صينية للمسافة تبلغ حوالي ثلث الميل الإنجليزي]، وإن كانت المواقع الأقرب على بعد بضع لي. 

21.              إن كان جنود يويه [جنرال صيني ١١٠٣-١١٤٢ قبل الميلاد] بحسب تقديري يفوقون جنودنا عددا فلن ينفعهم ذلك شيئا في مسألة النصر. أقول إذن: يمكن تحقيق الانتصار. 

22.              يمكننا منع العدو من القتال وإن تفوق عددا. تآمر بحيث يمكنك كشف خططه واحتمالات نجاحها. 

23.              استفز العدو لتعرف مبدأ نشاطه وعدم نشاطه. اجبره على الكشف عن نفسه بحيث تعرف ثغراته. 

24.              قارن برويّة بين جيش العدو وجيشك، بحيث تعرف مواقع القوة الفائضة ومواقع عجز القوة. 

25.              أعلى مراقي الترتيبات التكتيكية هو حجبها، تستر على ترتيباتك وستكون في مأمن من عين أفطن الجواسيس، ومن مؤامرات أدهى العقول. 

26.              ما لا يقوى العوام على إدراكه هو كيفية إحراز النصر من باطن تكتيكات العدو. 

27.              يمكن لكل من هب ودب أن يدرك التكتيكيات التي تؤمن الغلبة لكن الذي لا يدركه أي من كان هو الاستراتيجية التي ينشأ عنها النصر. 

28.              لا تكرر التكتيكات التي أحرزت لك النصر مرة، لكن نوّع أساليبك كما يستدعي اختلاف الظروف غير المتناهي. 

29.              التكتيكات العسكرية تشبه جريان الماء، فالماء يجري مجراه الطبيعي من الموقع العالي ويتسارع نحو الأسفل. 

30.              والقضية في الحرب أن تتفادى موقع القوة وتضرب في موقع الضعف. 

31.              يشكل الماء مجراه بحسب طبيعة الأرض التي يجري فيها؛ والجندي يستخلص النصر بحسب التناسب مع الخصم في مواجهته. 

32.              وعليه، كما لا يبقى الماء على شكل ثابت، ليست هنالك أحوال ثابتة في الحرب. 

33.              يستحق لقب القائد الملهم من يستطيع أن يلائم تكتيكاته بما يناسب الخصم وينتزع بذلك النصر. 

34.              لا تتساوى العناصر الخمسة (الماء والنار والحطب والحديد والأرض) على الدوام في توزيعها؛ ويفسح كل فصل من الفصول الأربعة المجال للذي يليه. ثمة أيام قصيرة وأخرى طويلة؛ وللقمر أوجه تدور زيادة ونقصان. 

 

الباب السابع

المناورات

.  قال صن تزو: يتلقى قائد الجيش في الحرب أوامره من صاحب الملك. 

.  على قائد الجيش ما أن جمع جيشا وحشد قواته أن يؤالف ويناغم بين عناصرها المختلفة قبل أن يضرب معسكره. 

.  تأتي بعد ذلك المناورات التكتيكية، وليس أعسر منها. تتمثل صعوبة المناورات التكتيكية في الانتقال من الحيلة إلى المباشرة وفي تحويل البلية إلى مزية. 

.  تتبدى المعرفة بحيل الحرب في اتخاذ طريق طويل ملتوي قبل استدراج العدو بعيدا عن الطريق؛ وفي تدبير سبيل الوصول إلى الهدف قبله وإن انطلقت بعده. 

.  القيام بمناورات بجيش أمر مفيد؛ أما القيام بمناورات بحشد غير منضبط فأمر غاية في الخطورة. 

.  إذا أقدمت على السير بجيش مكتمل الاستعداد لكي تحقق أفضلية فالأغلب أنك ستتأخر. أما إذا بعثت برتل خاطف السرعة لهذا الغرض فالثمن التضحية بحمولته ومؤنه. 

.  إذا أمرت رجالك بحث الخطى وأجبرتهم على السير دون توقف ليلا أو نهارا وبذلك تغطية ضعف المسافة المعتادة مرة واحدة، مسافة مئة لي لتحقيق الأفضلية، سيقع قادة فرقك الثلاث في قبضة العدو. 

.  سيكون الرجال الأقوى في المقدمة وسيتأخر المنهكون منهم في المؤخرة، وبهذه الطريقة سيبلغ فقط عشر جيشك هدفه. 

.  إذا سرت مسافة ٥٠ لي لتتفوق على العدو ستفقد قائد فرقتك الأولى، وستبلغ نصف قوتك فقط هدفها. 

10.              إذا سرت مسافة ٣٠ لي نحو ذات الهدف سيبلغ فقط ثلثا جيشك مقصده. 

11.              يمكن أن نخلص إذن إلى أن جيشا فقد قافلة حمولته مضيع؛ وجيشا فقد مؤنه مضيع؛ وجيشا دون قواعد إمدادات مضيع. 

12.              لا يمكن أن ندخل في أحلاف حتى ندرك مخططات جيراننا. 

13.              لا نبلغ الاستعداد الكافي للسير بجيش حتى نتعرف على تضاريس البلاد جبالها وغاباتها، وجراتها وجروفها ومستنقعاتها.

14.              لن نستطيع استغلال أفضلية الطبيعة إن لم نستفد من مرشدين محليين. 

15.              أحسن الخدعة في الحرب وستكسب. 

16.              يجب رهن قرار توحيد القوات أو توزيعها بالظروف. 

17.              كن كالريح في السرعة وكالغابات في الكثافة. 

18.              كن كالنار في الغزو والسلب، وكالجبال في الثبات. 

19.              اجعل خططك كظلام الليل دامسا وحركتك كوقع الرعد صادما. 

20.              إذا سلبت ريفا وزع الغنائم بين رجالك، وعندما تستولي على أراض جديدة قسمها إلى حيازات لصالح جنودك. 

21.              فكر وقدر قبل أن تقوم بأي حركة. 

22.              يظفر من يحسن الحيلة، وهذا هو فن المناورة.  

23.              يقول كتاب «إدارة الجيوش»: لا تذهب الكلمة المنطوقة بعيدا في ميدان المعاركة؛ وعليه لا بد من تكريس الطبول والأجراس. ولا يمكن رؤية الأشياء المعتادة بوضوح ولذا لا بد من تكريس الأعلام والرايات. 

24.              الطبول والأجراس والأعلام والرايات جميعها وسائل يمكن بواسطتها تركيز بصر الحشد وسمعه على نقطة معينة. 

25.              يستحيل على الشجاع أن يتقدم منفردا وعلى الجبان أن يتراجع منفردا إذا كان حشد القوات جسد واحد. هذا هو علم إدارة جمهور غفير من الرجال. 

26.              استفد إذن من إشارات النار والطبول في قتال الليل ومن الأعلام والرايات في قتال النهار، وجميعها وسائل للتأثير على أبصار وأسماع جيشك. 

27.              قد يخسر جيش بحاله عزمه؛ وقد يخسر قائد عام حضوره الذهني. 

28.              أشد عزم الجندي صبحا؛ ويتضعضع منتصف النهار؛ وفي المساء لا يشغل باله سوى العودة إلى المعسكر. 

29.              يتفادى القائد الحصيف إذن جيشا شديد العزم، ويهاجم جيشا متثاقلا مال إلى العودة. هذا هو علم دراسة الأمزجة. 

30.              انضبط وصابر حتى تبرز علامات الفوضى والاضطراب وسط العدو؛ هذا هو علم ضبط النفس. 

31.              الاقتراب من الهدف والعدو بعيد عنه، والصبر بسكينة والعدو يعتلج ويكابد، حسن التغذية والعدو خالي البطن؛ هذا هو علم تربية القوة. 

32.              تفادي مواجهة العدو وراياته في أحسن تقويم، والإمساك عن مهاجمة جيش منتظم الترتيب واثق الصف؛ هذا هو علم دراسة الظروف. 

33.              أنه قانون عسكري ألا تتقدم أعلى هضبة نحو العدو، ولا تقاوم العدو وهو منطلق إلى أسفل هضبة. 

34.              لا تطارد عدوا يتظاهر بالهرب، ولا تهاجم جنودا متحفزين قتال. 

35.              لا تبتلع طعما يقدمه العدو. ولا تداخل جيشا في عودته إلى الديار. 

36.              عندما تحيط بجيش اترك فسحة للخروج، لا تضغط على خصم قانط أكثر مما يلزم. 

37.              هذا هو علم الحرب. 

 

الباب الثامن

تنويع التكتيكات

.  قال صن تزو: يتلقى القائد في الحرب تعليماته من صاحب السيادة، يجمع جيشه ويركز قواه. 

.  لا تعسكر وأنت في بلد صعب، وائتلف مع حلفائك في بلد تربط بين أنحائه طرق كبيرة. لا تطيل البقاء في مواقع خطرة لانعزالها. الجأ إلى الحيل الاستراتيجية إذا كانت محاصرا وقاتل إذا كان وضعك يبعث على اليأس. 

.  هنالك طرق يجب عدم اتباعها وجيوش يجب عدم مهاجمتها، بلدات يجب عدم حصارها، مواقع لا يجوز الصراع عليها، وأوامر لصاحب السيادة يجب عدم طاعتها. 

.  القائد الذي يفهم بدقة الأفضلية التي تتأتى بتنويع التكتيكات يعرف كيف يدير قواته. 

.  القائد الذي لا يفهم ما سبق قد يكون ملما بتشكيل البلاد لكن لن يكون في مقدوره تحويل هذه المعرفة إلى ممارسة فعالة. 

.  وعليه، لن يفلح دارس الحرب غير الملم بفن تنويع خططه في الاستفادة القصوى من رجاله ولو كان عارفا بالميزات الخمس. 

.  وعليه، تقترن في خطط القائد الحكيم اعتبارات الميزات والنقائص بعضها ببعض. 

.  إذا تساوق توقعنا لميزات بعينها بهذه الطريقة قد ننجح في تحقيق الجزء الأساس من مخططاتنا. 

.  أما إذا كنا على الدوام وفي خضم الصعوبات على استعداد لاقتناص الميزات قد ننجي أنفسنا من النوائب. 

10.              تخلص من الزعماء المعادين بإيذائهم؛ وإثارة الصعوبات من حولهم، وإشغالهم على الدوام؛ وكذلك قدم لهم الإغراءات الخاصة، وأغويهم بالمسارعة إلى نقطة بعينها. 

11.              يعلمنا فن الحرب ألا نعتمد على احتمال أن يغيب العدو، بل على جاهزيتنا لمواجهته؛ ألا نعتمد على احتمال ألا يهجم، بل على حقيقة تحصين مواقعنا بحيث يتعذر الهجوم عليها. 

12.              هنالك خمسة عيوب قاتلة قد تصيب القائد: (١) التهور الذي يؤدي إلى الدمار؛ (٢) الجبن الذي يؤدي إلى الأسر؛ (٣) الجبلة المتعجلة بحيث تستفزه الإهانات؛ (٥) العزة البالغة الحساسة للعار؛ الانعزال البالغ عن رجاله بحيث يصيبه الكدر والقلق. 

13.              هذه هي خطايا القائد الخمس المضرة بإدارة الحرب. 

14.              العلة حال انهزم جيش وقُتل قائدة في أحد هذه العيوب. أحسن التأمل فيها. 

 

الباب التاسع

الجيش في مسيره

.  قال صن تزو: نأتي الآن لمسألة الجيش وقد خيم يراقب إشارات العدو. تحرك سريعا عبر الجبال وكن على مقربة من الوديان. 

.  خيم في مواقع مرتفعة في مقابل الشمس. لا تتسلق أعاليٍ شاهقة بغرض القتال. هذا في خصوص الحرب في الجبال. 

.  ابتعد بعيدا عن النهر بعد أن تعبره. 

.  لا تتقدم لتجابه قوة غازية عبرت نهرا في طريق سيرها في وسط مجرى النهر. الأفضل أن تترك نصف الجيش الغازي يعبر النهر حتى تهاجمه. 

.  إذا كنت متحفزا للقتال لا تتقدم لتلقى العدو الغازي قرب نهر يتوجب عليه عبوره. 

.  أعزم قواك في موقع أعلى من العدو في مقابل الشمس. لا تتحرك عكس مجرى النهر لتقابل العدو. هذا في خصوص حرب الأنهار. 

.  أسرع في عبور المستنقعات المالحة، عجل دون تأخير، وأجعل ذلك كل همك. 

.  إن فُرض عليك القتال في مستنقع مالح اسعى قرب الماء والحشائش وأجعل ظهرك لكتلة من الشجر. هذا في خصوص العمليات في المستنقعات المالحة. 

.  اتخذ وأنت تقاتل في أرض جافة منبسطة موقعا يسهل الوصول إليه مرتفعا جهة اليمين والخلف حتى يبقى الخطر في مقابلك والسلامة في الخلف. هذا في خصوص الحملات في أرض منبسطة. 

10.              هذه هي أفرع العلم العسكري الأربعة التي حققت النصر للإمبراطور الأصفر في قتاله عدة ملوك. 

11.              تفضل جميع الجيوش الأرض المرتفعة على المنخفضة والمواقع المنيرة على المظلمة. 

12.              إذا كنت حريصا كل الحرص على رجالك عسكر في أرض صلبة لتحفظ الجيش من الأمراض وذلك من شروط النصر. 

13.              إذا بلغت هضبة أو شاطئا اتخذ الجانب المشمس والمنحدر في خلفك على اليمين. وبذلك تحقق الفائدة لجنودك وتستغل أفضلية التضاريس. 

14.              إذا ماج نهر تريد خوضه وأرغى بسبب الأمطار الغزيرة في البلاد أعلى النهر عليك الانتظار حتى يهدأ. 

15.              يجب مغادرة البلاد التي فيها جروف صخرية شديدة الانحدار تجري فيها السيول في وقور طبيعية عميقة وأماكن محصورة وآجام كثيفة ومستنقعات وأخاديد على وجه السرعة وتفاديها. 

16.              يجب علينا أن ندفع العدو نحو مثل هذه المواقع فيما نبتعد عنها، وعندما نقابل هذه المواقع علينا دفع العدو نحو مواضع تكون فيها مثل هذه المواقع في ظهره. 

17.              إن كان في جوار معسكرك تلال أو برك تحيط بها الحشائش المائية أو حيضان غائرة مليئة بالأعشاب أو غابات كثيفة النبات الأرضي عليك إزالتها وتمشيطها؛ يختبئ الرجال في مثل هذه المواقع للإغارة أو التجسس. 

18.              إذا ظل العدو في موقع قريب ساكنا فهو يعتمد على القوة الطبيعية لموضعه. 

19.              إذا ظل العدو بعيدا وحاول إثارة معركة فهو حارن لتقدم الطرف الآخر. 

20.              إذا كان موقع معسكر العدو سهل المنال فهو يقدم طُعما. 

21.              الحركة في وسط أشجار غابة علامة على تقدم العدو. وظهور عدة أسطح في وسط حشائش كثيفة يعني أن العدو يريد أن يستحث شكوكنا. 

22.              صعود الطيور في طيرانها علامة على غارة قادمة، وفزع الوحوش دالة على هجوم مفاجئ وشيك. 

23.              تصاعد الغبار في أعمدة عالية علامة على تقدم المركبات. وانخفاض الغبار على مساحة واسعة علامة على تقدم المشاة. وتوزع الغبار في اتجاهات مختلفة يعني أن فرقا تم إرسالها لجمع الحطب. وسحب من الغبار تتحرك من جهة إلى أخرى دلالة على أن العدو قد خيم. 

24.              التصريحات المتواضعة وتزايد التحضيرات علامات على أن العدو على وشك التقدم. اللغة الفظة والاندفاع كأنه للهجوم علامات على أن العدو سينسحب. 

25.              تقدم المركبات الخفيفة أولا واتخاذها مواقع عند الأجنحة علامة على أن العدو يتهيأ للمعركة. 

26.              مقترحات السلام غير المقترنة بميثاق غليظ القسم إشارة لمكيدة. 

27.              إذا كثرت الجلبة ثم انتظم الجنود في الصفوف فقد أزفت الساعة. 

28.              إذا تقدم البعض وانسحب البعض الأخر فثمة شرك. 

29.              إذا وقف الجنود متئدين على رماحهم فقد بلغ بهم الجوع الهزال. 

30.              إذا رأيت المرسلين لجلب الماء يشربون فالعدو يشكو العطش. 

31.              إذا رصد العدو أفضلية ولم يقتنص الفرصة فالجنود أصابهم الإرهاق. 

32.              اجتماع الطير في موضع علامة على خلوه، وتعالي الأصوات ليلا علامة على التوتر. 

33.              اضطراب المعسكر ينبئ عن ضعف سلطة القائد. وتحول الأعلام والرايات عن موضعها ينبئ عن فتنة. وغضب الضباط علامة على إنهاك الجنود. 

34.              اعلم أن العدو عازم على القتال حتى الموت إذا أطعم الجيش خيله حبوبا وذبح الأبقار للطعام وعندما يعلق الرجال قدور الطهي فوق نيران المعسكر مما يعني أنهم لن يعودوا إلى خيامهم. 

35.              اجتماع الرجال في زمر يتهامسون وحديثهم بجرس خاضع علامات على الضجر وسط صف الجنود. 

36.              توالي الجوائز علامة على أن موارد العدو كادت أن تنقطع وكثرة العقوبات تنبئ عن شدة العنت. 

37.              شدة الوعيد ثم الخشية من أعداد العدو دليل على انعدام كل ذكاء. 

38.              إذا بعث العدو الرسل بكلمات المجاملة على ألسنتهم فهو يأمل في هدنة. 

39.              يستدعي الوضع كل الاحتراس واليقظة إذا سار جنود العدو غاضبين ثم توقفوا في مقابل قواتك لوقت طويل دون أن يشتركوا في القتال أو يتنحوا. 

40.              لا ضير ألا تبلغ قواتنا عددا قوات العدو، لكن لا يمكن الخوض في هجوم مباشر. ما يمكن أن نفعله هو تركيز كل ما توفر لنا من قوة ومراقبة العدو عن كثب والحصول على تعزيزات. 

41.              من لا يحسن التدبير ويستخف بخصومه سيقع في أسرهم لا محالة. 

42.              لن يخضع لك الجنود إذا عاقبتهم قبل أن تنعقد صلتهم بك، وإن لم يخضعوا لك فلا فائدة منهم. إذا لم يتم تنفيذ العقوبات وقد ارتبط بك الجنود فلا طائل منها. 

43.              عليه، يجب في العموم معاملة الجنود بإحسان وفي ذات الوقت السيطرة عليهم بانضباط صارم. هذا هو الطريق المأمون إلى النصر. 

44.              يضمن تنفيذ التعليمات خلال التدريبات حتى يصبح ذلك أمرا مألوفا حسن الانضباط، والتهاون في ذلك يؤدي إلى انحلال الانضباط. 

45.              المكسب متبادل إذا أظهر القائد الثقة في جنوده وأصر على الدوام على إطاعة أوامره. 

 

الباب العاشر

التضاريس

.  قال صن تزو: يمكن التمييز بين ستة تضاريس: (١) الأرض السهلة؛ (٢) الأرض العصية؛ (٣) الأرض المتساوية؛ (٤) الممرات الضيقة؛ (٥) المرتفعات شديدة الانحدار؛ (٦) المواقع البعيدة جدا عن العدو. 

.  الأرض السهلة هي التي يمكن للطرفين عبورها. 

.  بخصوص مثل هذه الأرض السهلة اسبق إليها العدو في احتلال المواقع المرتفعة والمشمسة واحرس خطوط إمدادك بكل حرص. 

.  الأرض العصية هي الأرض التي يمكن التخلي عنها لكن يصعب إعادة احتلالها. 

.  يمكنك من موقع كهذا أن تباغت العدو إن لم يكن مستعدا وتهزمه. أما إذا كان العدو مستعدا لقدومك وفشلت في هزيمته وتعذرت عليك العودة فالهلاك ماحق. 

.  الأرض المتساوية هي تلك التي لا يحقق فيها أي من الطرفين مكسبا بالتحرك أولا. 

.  الأفضل في موقع كهذا عدم التقدم حتى وإن طرح العدو طُعما جاذبا، بل الأصوب الانسحاب واستدراج العدو للتقدم من جهته؛ وعندها ومتى ما برز جزء من جيشه أطبقنا عليه مهاجمين من موقع الأفضلية. 

.  بخصوص المعابر الضيقة إن استطعت احتلالها أولا عزز حراستها بقوة وانتظر حضور العدو. 

.  إذا حال العدو دونك واحتلال ممر لا تتعقبه إذا كان الممر حسن الحراسة وتعقبه فقط إذا كان الممر ضعيف الحراسة. 

10.              إذا سبقت العدو إلى مرتفع شديد الانحدار احتل المواقع الأعلى والمشمسة ثم انتظره ليصعد. 

11.              إذا احتل العدو هذه المواقع قبلك لا تتعقبه لكن تراجع وحاول أن تستدرجه بعيدا عنها. 

12.              لا يسهل إثارة معركة إذا كنت في موضع بعيد جدا عن العدو وقوى الجيشين متساوية وسيكون القتال في غير صالحك. 

13.              هذه هي المبادئ الستة المرتبطة بالأرض. وعلى كل قائد تولى موقع مسؤولية أن يدرسها بعناية. 

14.              والآن، الجيش معرض لست بلايا لا تنشأ عن أسباب طبيعية، ولكن عن أخطاء القائد المسؤول وهذه هي: (١) الهرب؛ (٢) العصيان؛ (٣) الانهيار؛ (٤) الدمار؛ (٥) الفوضى؛ (٦) الاندحار. 

15.              إذا قُذف بقوة ضد أخرى عشرة أضعاف حجمها فالنتيجة هروب القوة الأولى، هذا بافتراض تساوي كل العوامل الأخرى. 

16.              إذا كان سواد الجنود بالغي القوة والضباط بالغي الضعف الحصيلة العصيان، وإذا كان سواد الجنود بالغي الضعف والضباط بالغي القوة فالحصيلة الانهيار. 

17.              إذا كان كبار الضباط غاضبين وعاصين يدخلون المعارك حين مقابلة العدو وفق تقديراتهم الخاصة قبل أن يخبرهم القائد الأعلى إن كان في موقف يسمح بالقتال فالحصيلة الدمار. 

18.              إذا كان القائد ضعيفا لا سلطان له؛ وإذا كانت تعليماته غير واضحة ومحددة؛ وإذا لم تكن هنالك واجبات محددة ملزمة للضباط والجنود؛ وإذا كان تشكيل الرتب معتر فوضوي فالحصيلة تمام الفوضى. 

19.              إذا كان القائد عاجز عن تقدير قوة العدو فيسمح أن تشتبك قوة أصغر مع قوة أكبر أو يدفع بوحدة ضعيفة ضد وحدة قوية ويهمل وضع جنود مختارين في الصفوف الأولى فالنتيجة الاندحار. 

20.              هذه هي أبواب الهزيمة الستة التي يجب على كل قائد تولى موقع مسؤولية إحسان دراستها. 

21.              إن التشكيل الطبيعي لأي بلد هو أفضل حليف للجندي؛ أما اختبار القائد العظيم ففي مهارته تقدير الخصم، والتحكم في القوات اللازم للنصر، والحساب الدقيق للمصاعب والمخاطر والمسافات. 

22.              يظفر في المعارك من يعرف هذه الأمور ويهتدي بها في القتال. وسوف يهزم لا محالة من يجهل هذه الأمور ولا يهتدي بها في الممارسة. 

23.              لا بد من القتال إذا كان القتال سيحقق نصرا مضمونا حتى إن منع الحاكم القتال؛ أما إذا كان القتال لا يحقق النصر فلا تقاتل حتى إذا خالفت أمر الحاكم. 

24.              جوهرة المملكة هو القائد الذي يتقدم دون أن يسعى الشهرة ويتراجع دون أن يخشى العار، الذي يجعل كل همه حماية بلاده وحسن خدمة ملكه. 

25.              اجعل جنودك في مقام أطفالك وسوق يتبعونك حتى أعمق الوديان؛ وراعيهم كما تراعي أبنائك المحبوبين وسيقفون إلى جانبك حتى الموت. 

26.              أما إذا كنت سمحا، ولكن عاجزا عن إنفاذ سلطتك؛ رفيقا، ولكن عاجزا عن فرض تعليماتك؛ وعجزت فوق ذلك عن كبت الفوضى سيصبح جنودك مثل الأطفال المدللين، لا نفع يرجى منهم في أي غرض عملي. 

27.              لم نبلغ سوى منتصف طريق النصر إن عرفنا أن رجالنا مستعدين للهجوم وجهلنا أن العدو غير قابل للهجوم عليه. 

28.              لم نبلغ سوى منتصف طريق النصر إن عرفنا أن العدو عُرضة للهجوم عليه وجهلنا أن رجالنا غير مستعدين للهجوم.

29.              لم نبلغ سوى منتصف طريق النصر إن عرفنا أن العدو عُرضة للهجوم عليه وأن في استطاعة رجالنا الهجوم، ولكن جهلنا أن القتال غير ممكن بسبب طبيعة الأرض. 

30.              لا يصاب الجندي المتمرس متى تحرك أبدا بالذهول؛ ولا يحتار متى انطلق من معسكره. 

31.              ولذلك صح القول: إن كنت تعرف العدو وتعرف نفسك فلا شك في النصر؛ وإن كنت تعرف السماء والأرض فنصرك مؤزر.  

 

الباب الحادي عشر

الحالات التسع

.  قال صن تزو: يُعرّف فن الحرب تسعة أنواع من ميادين القتال: (١) الميدان المشتت؛ (٢) الميدان السلس؛ (٣) الميدان المتنازع عليه؛ (٤) الميدان المفتوح؛ (٥) ميدان الطرق المتقاطعة؛ (٦) الميدان الحرج؛ (٧) الميدان العسير؛ (٨) الميدان المحصور؛ (٩) الميدان الملح.

.  الزعيم الذي يقاتل في اقليمه يقاتل في ميدان مشتت. 

.  وإذا اخترق أرض معادية لكن لمدى قريب فالميدان ميدان سلس. 

.  والميدان الذي يورث الذي يسيطر عليه أفضلية عظيمة هو ميدان متنازع عليه. 

.  والميدان الذي يتحرك فيه كل طرف بحرية هو ميدان مفتوح. 

.  والميدان الذي يمثل مفتاحا لثلاث دول متجاورة بحيث يتحكم الذي يحتله على معظم أرض الإمبراطورية هو ميدان طرق متقاطعة. 

.  والميدان الحرج هو ما ينشأ حين يخترق جيش أرض العدو حتى يبلغ قلبها ويترك في ظهره عدة مدن حصينة. 

.  والميدان العسير هو الجبال الغابية والمنحدرات الوعرة والمستنقعات والأغوار وكل أرض صعبة العبور. 

.  والميدان المحصور هو ما تبلغه عبر وادي ضيق ولا تغادره خلا بطرق متعرجة بحيث يستطيع نفر قليل من العدو القضاء على عدد عظيم من جنودنا. 

10.              والميدان الملح هو حيث لا منجاة من التدمير سوى بشديد القتال دون تسويف. 

11.              لا تقاتل إذن في الميدان المشتت ولا تتوقف في الميدان السلس، ولا تهاجم في الميدان المتنازع عليه. 

12.              لا تحاول سد طريق العدو في الميدان المفتوح واجمع قواك وحلفائك في ميدان الطرق المتقاطعة. 

13.              اجمع الغنائم في الميدان الحرج، وواصل المسير بتؤدة في الميدان العسير. 

14.              اعتمد على التخطيط الماكر في الميدان المحصور. وقاتل في الميدان الملح. 

15.              يعرف ما كان يطلق عليهم القادة المهرة في الماضي كيف يفصلون بين مقدمة جيش العدو وآخره؛ كيف يمنعون التنسيق بين وحداته الكبيرة والصغيرة؛ كيف يحولون بين القوات المقتدرة ونجدة القوات المتواضعة؛ وكيف يمنعون الضباط من حشد جنودهم. 

16.              كان باستطاعة مثل هؤلاء القادة إثارة الفوضى في صفوف العدو بعد اجتماع قواه. 

17.              وكانوا يتقدمون متى كان في ذلك في مصلحة ويمسكون خلاف ذلك عن التقدم. 

18.              أقول جوابا على سؤال ما التدبير أمام عدو عظيم العدد في صف منتظم متقدم للهجوم: "استولي على شيء ما عزيز على العدو وسيصبح العدو ملك إرادتك".

19.              السرعة هي جوهر الحرب: استغل قلة استعداد العدو، وتسلل عبر طرق غير متوقعة، وهاجم مواقع غير محروسة. 

20.              هذه هي المبادئ الواجب مراعاتها على جيشٍ غازٍ: كل ما توغلت في أرض العدو كلما تعاظم التضامن بين جنودك، وبذلك لن يستطيع المدافعون التفوق عليك. 

21.              أغر على المواقع الخصيبة لتوفير الطعام لجيشك. 

22.              أحسن دراسة أحوال رجالك، ولا تثقل عليهم. ركز طاقاتك وحافظ على قواك، وليكن جيشك في حركة دائبة وابتكر خططا عصية على الاكتناه. 

23.              ضع جنودك في مواقع بحيث لا مهرب وسيفضلون الموت على الفرار. ولن يعجزهم تحقيق أي هدف في مواجهة الموت، سيبذل الضباط والجنود على السواء كل ما بيدهم. 

24.              يفقد الجنود في المواضع الميؤوس منها كل شعور بالخوف. يرابطون بصلابة متى انعدم الملجأ، ويظهرون بأسا عنيدا في أرض العدو. يقاتلون بكل عزم إذا لم يكن من ذلك بد. 

25.              سيكون الجنود دوما في وضع الاستعداد دون أمر منك؛ وسينفذون إرادتك دون طلب منك؛ وسيكونون أوفياء دون بدون موانع؛ أهل للثقة بدون تعليمات. 

26.              امنع النُذُر وتخلص من كل صور التطير والخرافات. وعليه لن يخشوا البلوى حتى يأتي الموت نفسه. 

27.              إن لم تكن النقود تثقل جيوب جنودنا فليس لاستنكافهم الغنى؛ وإذا لم تكن حيواتهم بالغة الطول فليس لميلهم عن طول العمر. 

28.              قد يبكي جنودك يوم يتلقون أوامر القتال، قد تجرى الدموع على خدود المستلقين منهم وتندى ملابس الجالسين. لكن سيظهرون يوم اللقاء بأس مثل «شو» أو «كوي». 

29.              رجل التكتيكات البارع مثله مثل شوان جاي. وشوان جاي ثعبان جبلي يقطن هضبة شانغ. اضرب رأسه وسيهاجمك بذيله؛ اضرب ذيله وسيهاجمك برأسه؛ اضرب وسطه وسيهاجمك بكل من الرأس والذيل. 

30.              هل يكمن أن يحاكي الجيش الثعبان شوان جاي؟ أجيب: نعم، بين رجال «وو» ورجال «ويه» عداوة لكنهم يعينون بعضهم البعض كما تساعد اليد اليمني اليد اليسرى متى أصابتهم عاصفة وهم في مركب واحد يعبرون نهرا.  

31.              لا يكفي إذن أن تضع ثقتك في رباط الخيل وحفر عجلات المركبات في الأرض. 

32.              مبدأ إدارة الجيش هو وضع معيار للشجاعة ملزم للكل. 

33.              كيف تحقق أقصى فائدة من القوي وكذلك الضعيف هذا سؤال يخص الاستغلال السليم للميدان. 

34.              عليه، يدير القائد الماهر جيشه كأنما يقود رجلا واحدا، شاء أو أبى، من يده. 

35.              أمر القائد كله هدوء وبذلك يضمن السرية والقوامة والإنصاف، ويؤمن بذلك النظام. 

36.              على القائد أن يكون قادرا على التعمية على ضباطه وجنوده بتقارير ومظاهر كاذبة وبالتالي يفرض عليهم جهلا تاما. 

37.              وعليه تغيير ترتيباته وتبديل خططه فيظل العدو في حيرة من أمره. وعليه نقل معسكره من موقع إلى آخر واتباع طرق ملتوية فيمنع العدو من استباق غرضه. 

38.              يتصرف قائد الجيش في الساعة الحرجة كمن تسلق سلما ولما بلغ القمة ركل السلم خلفه. يلج برجاله عميقا في أرض معادية قبل أن يكشف عن نفسه. 

39.              يحرق مراكبه ويحطم طناجره؛ فهو كالراعي يسوق جنوده هذه الناحية وتلك ولا يعرف أحدهم أين المسار. 

40.              حشد الجيش والقذف به نحو مواقع الخطر، هذا شغل القائد. 

41.              بالتأكيد، لا بد من دراسة الإجراءات المختلفة المناسبة لكل نوع من أنواع الميادين التسعة؛ مؤاتاة التكتيكات الهجومية أو الدفاعية؛ والقوانين الحاكمة للطبيعة البشرية. 

42.              المبدأ العام عند غزو أرض العدو هي كلما تعمق الاجتياح تعزز التماسك؛ والاجتياح المحدود ينتهي بالتشتت. 

43.              ستجد نفسك في ميدان حرج إذا تركت بلادك خلفك وعبرت بجيشك إلى أرض مجاورة أما إذا توفرت لك وسائل الاتصال في الجهات الأربعة فالميدان ميدان طرق متقاطعة. 

44.              إذا نفذت عميقا في بلاد ما فالميدان عسير؛ أما إذا لم تنفذ سوى القليل فالميدان سلس. 

45.              الميدان محصور إذا كانت تحصينات العدو في خلفك وأمامك معابر ضيقة، أما إذا انعدم الملجأ بالكلية فالميدان ملح.  

46.              ألهم الجنود وحدة الهدف إذا كنت في ميدان مشتت وأضمن سبك الصلات بين وحدات الجيش في الميدان السلس. 

47.              استعجل مؤخرة الجيش في الميدان الملح. 

48.              أنتبه بحرص لدفاعاتي في الميدان المفتوح. وأعزز من تحالفاتي في ميدان الطرق المتقاطعة. 

49.              أحاول تأمين التدفق المستمر للمؤن في الميدان الحرج. وأواصل الدفع إلى الأمام في الميدان العسير. 

50.              أسد أي سكة للتراجع في الميدان المحصور. وأعلن لجنودي ألا طائل من إنقاذ حياتهم في الميدان الملح. 

51.              ومن طبيعة الجندي أن يقاوم بصلابة في ساعة الحصار ويقاتل بشراسة متى تعذر المخرج ويطيع الأوامر بلا تأخير متى ألح الخطر. 

52.              لا يمكن أن ندخل في تحالفات مع أمراء مجاورين قبل أن نتعرف على مخططاتهم. ولا نصلح لقيادة جيش سائر إلا بعد أن نتعرف على طبيعة الأرض، جبالها وغاباتها، كل وجرة فيها ووهدة ومستنقع. لن نفلح في استغلال ميزة التضاريس إلا أذا استفدنا من المخبرين المحليين. 

53.              لا ينفع الأمير المقاتل إهمال أي من هذه المبادئ الأربعة أو الخمسة. 

54.              تظهر قيادة جيش الأمير المقاتل الذي يهاجم دولة قوية مهارتها القيادية بقدرتها على منع العدو من تركيز قواته. يفزع خصومه ويمنعهم حلفاءهم من التوحد ضده. 

55.              لا يسعى الأمير إلى التحالف مع كل زيد وعبيد ولا يعزز سلطان الدول الأخرى. ينفذ خططه الخاصة السرية، ويرهب الخصوم، وبذلك يستطيع أن يستولي على مدنهم ويطيح بممالكهم. 

56.              امنح المكافآت دونما قاعدة؛ وأصدر الأوامر دون اعتبار لما سبق من ترتيبات؛ وبذلك تتمكن من قيادة جيش بحاله كما لو كان رجلا واحدا. 

57.              واجه جنودك بالمهمة المباشرة؛ لكن لا تفصح لهم أبدا عن مخططاتك. بشرهم إذا كانت التوقعات مشرقة واكتم عنهم المدلهمات. 

58.              ابلغ بجيشك مدى التهلكة وسيصمد؛ وخض به حمام الوغى وسينجو. 

59.              فالقوة التي تقع في مرمى الخطر هي التي تستطيع أن تهب بضربة النصر. 

60.              بلوغ النجاح في الحرب رهين بالتلاؤم المتأني مع غرض العدو.

61.              سننجح على المدى الطويل في قتل قائد عام جيش العدو إذا لزمنا جناحه على الدوام. 

62.              هذه هي القدرة على تحقيق الأهداف بالحيلة المحضة. 

63.              أغلق في يوم استلامك القيادة كل الممرات عبر الحدود، تخلص من السجلات الرسمية وامنع مرور المبعوثين. 

64.              كن حازما في اجتماع المجلس حتى تستطيع السيطرة على الوضع. 

65.              إذا ترك العدو ثغرة مفتوحة اهرع للنفاذ عبرها. 

66.              استبق خطوات عدوك بالسيطرة على ما هو عزيز لديه وتآمر بحنكة لضبط توقيت وصوله إلى الميدان. 

67.              اسلك الطريق الذي تحدده القواعد وتلاءم مع العدو حتى تستطيع خوض المعركة الحاسمة. 

68.              اظهر إذن أول الأمر خفر الفتاة البكر حتى يفتح العدو ثغرة ثم انقلب لتحاكي سرعة الأرنب الوحشي، ولن يستطيع العدو عندئذ لك صدا. 

 

الباب الثاني عشر

الهجوم بالنار

.  قال صن تزو: هنالك خمسة طرق للهجوم بالنار: الأول حرق الجنود في معسكرهم؛ والثاني حرق المخازن؛ والثالث حرق قوافل المؤن؛ والرابع حرق مخازن السلاح والذخيرة؛ والخامس قذف العدو بحمم النار من علٍ. 

.  لا بد من توفر الوسائل اللازمة للهجوم، ويجب على الدوام الاستعداد بالمواد الازمة لإشعال النار. 

.  هنالك موسم مناسب للهجوم بالنار وأيام مناسبة لإضرام حريق هائل. 

.  الموسم المناسب هو الجو الجاف جدا؛ والأيام المناسبة هي التي يكون فيها القمر في برج الغربال أو الحائط أو الجناح أو العتلة ففيها تتصاعد الرياح. 

.  يجب الاستعداد لخمس تطورات ممكنة عند الهجوم بالنار: 

.  (١) اهجم على معسكر العدو من الخارج عندما تندلع النار في داخله. 

.  (٢) إذا انطلقت النار وظل جنود العدو على هدوءهم رابط ولا تهاجم. 

.  (٣) اهجم وقت تبلغ قوة النار قمتها إذا تيسر؛ وإلا رابط في موقعك. 

.  (٤) إذا أمكن أن تهجم بالنار من خارج لا تنتظر أن تنطلق من داخل بل اضرب ضربتك في اللحظة المواتية. 

10.              (٥) كن في عكس اتجاه الريح إذا ما أشعلت النار ولا تهاجم ضد اتجاه الريح. 

11.              الريح التي تبدأ في النهار تهب طويلا والنسمة الليلية سرعان ما تهدأ. 

12.              يجب في كل جيش معرفة الخمس تطورات المتصلة بالنار، كما يجب حساب حركة النجوم ورصد الأيام المناسبة. 

13.              عليه، استغلال النار في الهجوم علامة ذكاء، واستغلال الماء في الهجوم علامة قوة. 

14.              يمكن بالماء قطع الطريق على العدو لكن لا يمكن سلبه ما يملك. 

15.              تعيس من يحاول أن ينتصر في المعارك وينجح في هجماته دون صقل لروح الإقدام؛ فالنتيجة إهدار الزمن والركود في كل شأن. 

16.              وعليه صح القول: يستعد الحاكم المستنير بالخطط مسبقا؛ وينمي الجنرال المقتدر موارده. 

17.              لا تتحرك إلا إذا رصدت في ذلك منفعة؛ ولا تنشر قواتك إلا إذا بلغت من ذلك مصلحة؛ ولا تقاتل إلا إذا الكان الوضع جد ملح. 

18.              لا يصح لحاكم أن يضع قواته في الميدان فقط ليرضي غروره؛ ولا يصح لقائد أن يدخل معركة بعلة السخط. 

19.              تقدم إذا كان ذلك في صالحك؛ وإلا رابط في موقعك. 

20.              قد ينقلب الغضب مع الأيام سرورا؛ وقد ينقلب الغيظ رضا. 

21.              لا يمكن أبدا أن تنهض مملكة بعد دمارها؛ كما لا يمكن أن يعود الموتى إلى الحياة. 

22.              ولذا الحاكم المستنير شديد الحرص والانتباه والقائد المقتدر شديد اليقظة والاحتياط. بذلك يمكن حفظ السلام في البلاد وصيانة الجيش. 

 

الباب الثالث عشر (والأخير)

توظيف الجواسيس

.  قال صن تزو: تجهيز جيش من مئة ألف مقاتل والسير بهم عبر مسافات بعيدة أمر باهض التكلفة يثقل على الناس ويهلك موارد الدولة. قد تبلغ التكلفة اليومية ألف أوقية من الفضة. ومن تبعات ذلك قلقلة في الديار وفي الخارج. سيقع الرجال منهكين على الطرقات وستتعطل أعمال أكثر من سبعمئة ألف أسرة. 

.  قد يواجه جيشان متحاربان بعضهما البعض لسنين، كل يريد أن يظفر بالنصر، ويُقضى الأمر في يوم واحد. ما دام الأمر كذلك فأشد اللاإنسانية الجهل بأحوال العدو فقط لأنك تبخل ببضع مئات من أوقيات الفضة كإكراميات. 

.  لا يستحق من يتصرف بهذه الطريقة قيادة الرجال، فهو بذلك لا يقدم عونا لصاحب الملك ولا يخدم غرض النصر. 

.  السبق بالمعرفة إذن هو ما يمكن الملك الحكيم والجنرال المقتدر من الانقضاض على العدو والظفر وتحقيق أهداف أبعد من مرمى غمار الناس. 

.  لا يمكن تحصيل مثل هذه المعرفة النافذة بالروحانيات؛ كما لا يمكن استخلاصها من الخبرة؛ ولا يمكن بلوغها بالاستنباط والاستنتاج. 

.  لا يمكن معرفة ترتيبات العدو سوى بوسيلة رجال آخرين. 

.  لذا لا بد من توظيف الجواسيس ولذلك خمسة أصناف: (١) الجاسوس المحلي؛ (٢) الجاسوس الداخلي؛ (٣) الجاسوس المنقلب؛ (٤) الجاسوس المنكوب؛ (٥) الجاسوس الناجي. 

.  لا يمكن فضح هذا النظام إذا كانت جميع أصناف الجواسيس فاعلة. هذا هو علم "التلاعب الفاتن بالخيوط"، وهو أعز ملكات صاحب الملك. 

.  يدخل توظيف خدمات سكان منطقة ما في صنف الجاسوس المحلي. 

10.              واستغلال مسؤولين في جهة العدو يدخل في صنف الجاسوس الداخلي. 

11.              والجاسوس المنقلب هو جاسوس العدو الذي قبضناه ووظفناه لأغراضنا نحن. 

12.              أما الجاسوس الهالك فهو الذي يقوم بأعمال مكشوفة بغرض الخداع، وتنوير جواسيسنا بهذه الأمور الذين ينقلونها بدورهم إلى العدو. 

13.              والجواسيس الناجين هم الذين يعودون بالأخبار من معسكر العدو.

14.              وعليه أكثر العلاقات استحقاقا للرعاية القريبة في الجيش هي العلاقة مع الجواسيس؛ ويستحق الجواسيس أسخى الجزاء، ويجب صيانة شؤونهم بأشد درجات السرية. 

15.              يتطلب التوظيف الفعال للجواسيس قدر من الحصافة الفطرية. 

16.              وتتطلب إدارة الجواسيس الفعالة قدر من البر والاستقامة. 

17.              ويتطلب التحقق من صدقية تقارير الجواسيس براعة ذهنية ودهاء. 

18.              كن فطنا! كن فطنا! ووظف جواسيسك لكل أنواع الأعمال. 

19.              إذا سرب جاسوس خبرا سريا قبل ميعاده فلابد من قتله وقتل من تسرب إليه الخبر. 

20.              مهما كان الهدف، الإجهاز على العدو، أو الانقضاض على مدينة، أو اغتيال فرد، أول الضروريات هي معرفة أسماء الحاضرين، المساعدين، الغفر وديدبان القائد العام. يجب تكليف جواسيسنا بهذه المهمة. 

21.              يجب رصد وكشف من أرسلهم العدو للتجسس علينا، ويجب إغراءهم بالرشى ثم اقتيادهم وإسكانهم في رغد. وبذلك يمكن أن يتجسسوا لصالحنا، ويصبحوا جواسيس منقلبين. 

22.              يمكن بعون المعلومات التي تتوفر عبر الجاسوس المنقلب تجنيد وتوظيف جواسيس داخليين ومحليين. 

23.              ويمكن بفضل هذه المعلومات تكليف الجاسوس المنكوب بنقل أخبار كاذبة إلى العدو. 

24.              وأخيرا، يمكن بالاستفادة من هذه المعلومات توظيف الجاسوس الناجي في مناسبات بعينها. 

25.              إن هدف ومنتهى الجاسوسية في أصنافها الخمسة المعرفة بالعدو، ويمكن بلوغ هذه المعرفة في المقام الأول من الجاسوس المنقلب. لذا، لا بد من معاملة الجاسوس المنقلب بكل أريحية. 

26.              كان سبب صعود حكم «ين» هو «آي جيه» الذي خدم «هسيا». وكذلك، كان سبب صعود حكم «جو» هو «لو يا» الذي خدم «ين». 

27.              إذن، الحاكم المستنير والقائد المقتدر هو من يوظف أفضل عناصر مخابرات الجيش للجاسوسية ويحقق بذلك نتائج عظيمة. والجواسيس غاية في الأهمية، عنصر في أهمية الماء، إذ عليهم تعتمد قدرة الجيش على الحركة. 

 

انتهى


No comments:

Post a Comment

 
Creative Commons Licence
This work by Magdi El Gizouli is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.