افتتح الرئيس عمر البشير الإثنين 26 يناير قصره الجديد
على النيل الأزرق، وهو منحة صينية وعد بها الرئيس الصيني السابق هو جنتاو إبان
زيارته الخرطوم في 2007، تزامنا مع ذكرى تحرير الخرطوم المائة والثلاثين. تولى هو
جنتاو الأمر في الصين عام 2003 وغادر مقعد الرئاسة في 2013 ليحل محله الرئيس
الحالي شي جين بينغ بحسب مواقيت الحزب الشيوعي الصيني، مارس كل عشرة أعوام. بهذا
الحساب فإن البشير من دفعة الرئيس الصيني الأسبق جيانغ زيمين الذي استمر عهده من
1993 حتى 2003 أو بالأحرى سابقه يانج شانج كون والذي حكم لفترة أقصر من 1988 حتى
1993 وقت كانت الرئاسة الصينية منصبا صوريا منفصلا عن السكرتارية العامة للحزب
الشيوعي محل السلطة الفعلية.
عاد الرئيس البشير من المملكة السعودية حيث أدى واجب
العزاء في وفاة الملك عبد الله ليفتتح قصره الجديد. تولى عبد الله الحكم في 2005
خلفا للملك فهد الذى تولى المنصب في 1982، سبعة أعوام قبل أن يدخل البشير القصر
القديم رئيسا في 1989. إذا كان في الحكم آية فآيته الزوال، وحياة الفرد البشري لا
تعدو أن تكون خدشا في مجرى التاريخ، لكن الرئيس البشير الذي مر عليه أربعة من
رؤساء الصين وانقضى عهد ملكي بأسره في الحجاز وهو في منصبه لا يدرك من آية الغرور
هذه إلا دوام العناد. ها هو يستعد لدورة من الانتخابات حرص حزبه المؤتمر الوطني
بسطها له لا تردع نساؤه ورجاله حتى النصائح الصينية أن لحزب الحكم الواحد مطلوبات
أولها تغيير الوجوه والصور. أخذ المؤتمر الوطني ببعض هذا الدرس المعاد لكن تعذر
عليه أن يجري على الرئيس ما أجرى على الأدنى مقاما في التباديل والتوافيق التي
تحكم تركيبه القيادي وقسمة السلطة بين مكونات الحكم. بدأت في 26 يناير بالتزامن مع
افتتاح القصر الصيني على النيل الأزرق جلسة المباحثات السنوية، وعنوانها
"الحوار الاستراتيجي"، بين المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي الصيني في
بكين، ولعل رفاق الصين سيعيدون على مسامع غندور وفريقه ما ظلوا يرددونه في هذا
الشأن كل عام.
يسخر الرئيس من نفسه بافتتاح قصره الجديد في ذكرى تحرير
الخرطوم، يوم اقتحمت جحافل المهدية الظافرة جاره القديم في حلف ثوري عريض، كسرت
شوكة الاستعمار ووكلائه وأطاحت بساكن القصر وزبانيته، وهو من هو في مقام
الإمبراطورية، بطل الصين الذي عبأت قصصه الأساطير. من كان يتوقع أن تطيح به جماعة "دارويش"
في قفر افريقي لا ذكر له؟ ربما انتبه لهذا المعني نائب الرئيس حسبو فزعم أن
الإنقاذ دورة ثانية من المهدية، وكأن التاريخ بيده، ومن يأمن غدر التاريخ فمثل
"شباب" الرئاسة غافل عن قوانينه.
No comments:
Post a Comment